نضال بشارة |
على هامشِ الخرابِ ومَتّْنِهِ،
بيوتٌ كأنها في متحفٍ للنحتِ العَبثيّ،
تنظرُ إلينا بحِنّوٍ.
أرصفةٌ لم تنه <<زوّادة >> مَدْرَسَتِها،
ترفعُ لَيَاقَةَ ظلال ساكنيه وذكرياتهم،
ومن يدري قد تُخفي كواليس الحربِ؟!.
نصفُ نوافذٍ ترقصُ كما في لوحة مجلة أطفالٍ،
آن العشبُ يصيرُ زِنْدَ عُودٍ
في ميعاد بهجة فائت.
حواراتُ نساءٍ، اغتيلتْ في منتصفها،
دون وردة على شرفة ثرثرتها.
خيالاتُ أطفالٍ بـ «دُحَلِ» شقاوتهم، لا يمرحون.
كتبٌ مُخلّعة أحرفها،
دُعس عريُّ أشواقها لقارئ نَزِقْ.
شرفاتٌ كُسِرتْ سيقانها، هجرتها أقمارُ محبةٍ
وما خَفَتَ أنينُ لهفتها.
أزقةٌ ما تثاءبت روحها،
يؤرقها الركام وما تبقى من فوارغ الطلقات.
أعشابٌ فتّقت الأرض، تنعي مواسم العيشِ.
بيوتٌ، أرصفةٌ، نصف نوافذ
وذكرياتٌ، وظلالٌ، وأحلامٌ،
وفناجين قهوة مدججة بوحدتها
ما يئست تراودُ هال الحنين عن نفسه،
واحتفالياتُ أعيادِ
لم يعد يشتعلُ فيها حطبُ المسّرةِ.
لا تَلْزَمُها إشارةُ مايسترو،
توشوشُ جميعاً – وأحياناً تصرخُ- في آذاننا:
أنْ ننوّط وجعها
لنايٍّ وكًمَانِ
في أوركسترا النزوحات
ترجيعةً لخريف القصائد.
هامش: (وادي السايح أحد أحياء مدينة حمص التي دُمرت في الحرب التي تأكلنا ولم تشبع بعد)
كاتب سوري | خاص موقع قلم رصاص