الرئيسية » مبراة » إن كتبت الأنثى!

إن كتبت الأنثى!

ليست غايتي مهاجمة المرأة ما عاذ الله، ولكن في ظل تحول الأمر إلى ظاهرة وجب الوقوف عندها، والحديث عنها، لأن التفاصيل التي بتنا نشاهدها يومياً والقصص التي نسمعها ونعايشها عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي غدت هي كل حياتنا تُبشر بضياع البوصلة في كل المجالات ومنها الكتابة بما أنها أصبحت “موضة”.

عشرات الشباب لهم محاولات في الكتابة، وأغلبيتهم يبدأون حياتهم في هذا المجال نتيجة قراءات كثيرة وموهبة ومواقف معينة يتعرضون لها فيفجرون ما في صدورهم حروفاً على ورق، ورغم أن معظمهم ندماء لأدباء وروائيين وشعراء وكُتّاب ويمضون معهم أوقاتاً طويلة إلا أنهم لا يحظون بالاهتمام والدعم الذي قد تحظى به أي فتاة يتعرف إليها أولئك الكُتّاب في جلسة مقهى عابرة أو مؤخراً عبر صفحات التواصل الاجتماعي.

أسماء كثيرة بتنا نطالعها في مختلف الصحف والمجلات والمواقع المرموقة منها والمتواضعة والجديدة، فتيات في مقتبل العمر تورطن في الكتابة قبل أن يتممن قراءاتهن إلا أنهن يجدن من يمهد لهن الطريق ويفرشه بالورود ويغدق عليهن بالألقاب ويطنب في مديحهن بكل يسر وسهولة، وآخريات فاضت مخيلاتهن بعد الأربعين لإنشغال الزوج بأمور حياتية أو مشاريع غرامية مُتأخرة مع مراهقات الفيسبوك، وآخريات لم يتزوجن ويطاردهن خوف مزمن من شبح العنوسة لذلك وجدن في الكتابة فرصة للتغيير، وهذا ليس مثلباً، فُكثر منهن استطعن إثبات أنفسهن. لكن المؤسف أن الشاب مهما أمتلك من موهبة ومهما أصدر من دواوين وروايات ودراسات ونال من جوائز محلية وعربية لا يجد من يعترف به أو يسانده تحت حجج كثيرة واهية، قد تحصل أي فتاة حتى لو كانت مجرد اسم وهمي في صفحات التواصل الاجتماعي على العديد من العروض للكتابة والنشر وحتى الطبع والتوزيع لكونها فتاة فقط، وليس لأنها مُبدعة وتمتلك مخزوناً ثقافياً عميقاً، أساساً ما المخزون الذي يمكن أن يملكه شخصاً لم يُكمل عقده الثاني؟

كلنا ما زلنا في مرحلة المحاولة، محاولة قد تكتمل وتبصر النور وقد تُجهض في أي مرحلة من مراحلها وتُشكل انكساراً معنوياً لصاحبها، لكن لا أحد سيهتم بذلك بل سيشمتون به، ولن يجد من يُطبطب له ويساعده على النهوض من جديد، وعلى العكس تماماً لو كانت المنكسرة فتاة ستمتد لها الأيادي من كل حدب وصوب وهذا يعكس مدى المأزق الذي وقعت فيه الثقافة بكل جوانبها، وهذا المأزق لم يصنعه لنا أحد إنما نحن من أوقعنا أنفسنا فيه، ولن نشعر به إلا حينما تمضي تلك الفتاة مع آخر دون أن تُلوح لنا حتى بيدها، ونبدأ نحن بتجهيز مأزق جديد لأنفسنا انتقاماً للخذلان والانكسار.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *