حبيب أديب شحادة |
“الثقافة في مواجهة الإرهاب” كان عنواناً لندوة عقدت في دمشق برعاية وزارة الثقافة منذ عدة أيام تحت شعار “يوم للكلمة. للإنسانية. للحياة”. حاضر فيها على مدى يومين مجموعة من المثقفين والكتاب السورين واللبنانين. تراوحت نقاشاتهم حول تفكيك جذور الإرهاب الفكرية. وتراجع التيار القومي والماركسي لصالح تيارات سلفية راديكالية وغيرها من القضايا. ودون الغوص في التفاصيل الكاملة لهذه الندوة نستطيع القول وبكل أمانة ومصداقية بأنها تستحق وصف ” كأنك يا أبا زيد ما غزيت”.
بمعنى آخر بقيت الندوة في إطار الخطابات والشعارات المكرورة منذ ما يقارب الخمسة عقود. تلوك الأسباب والتداعيات دون القدرة على اجتراع الحلول والروئ.
إذ أنه بعد ست سنوات من الصراع المستعر عسكرياً وفكرياً في سورية. ليس من المنطق والعقل أن يبقى دور الثقافة والمثقفين مقتصر- على إعادة إنتاج نفس الخطاب المكرور سابقاً, فالداخل السوري مليئ بالمثقفين والمفكرين الذين يلعبون دوراً كبيراً ولكن بعيداً عن صنع القرار الثقافي مؤسساتياً – وعلى الثناء وتوجيه الشكر للانتصارات المحققة على الأرض عسكرياً. حيث أن محاربة الأرهاب بمختلف الوسائل والأدوات يلزمه على التوازي أدوات من نوع أخر.
هنا هل أصبحت الثقافة السورية عاجزة عن محاربة الأرهاب بأدواتها “أي فكرياً” بالتوازي مع محاربته عسكرياً؟ سؤال برسم القائمين على العمل الثقافي السوري الذي ربما لم يدركوا حتى اللحظة أن أي نصر عسكري يحتاج إلى حامل ثقافي اجتماعي. إلى فعل ثقافي حقيقي محتوي لكافة مكونات الثقافة السورية المتسمة بالغنى والتعدد, وغير مقتصر على مكون واحد. وبنفس الوقت منتج لثقافة المواطنة الحقيقية المنتجة بدورها للوعي الاجتماعي الذي يحمي مكونات الدولة الثقافية والاجتماعية في مرحلة ما بعد انتهاء الصراع العسكري وبداية مرحلة إعادة الإعمار.
بالنتيجة تبقى وظيفة الثقافة تشكيل هوية وطنية جامعة. هذه الهوية تحمي مكونات المجتمع الثقافية وتمنع تحولها إلى نقطة ضعف في بنية الدولة والمجتمع. وحتى نصل الى ذلك لا بد من وضع استراتيجية و رؤية ثقافية تصحح بنية وهياكل العمل في المؤسسات الثقافية السورية. بدلاً من عقد الندوات والمؤتمرات والتي ينتهي مفعولها بانتهائها. أي أنه يجب الانتقال في العمل الثقافي من واقع المراوحة في المكان والذي يمكن توصيفه بسياسة النعامة إلى واقع عمل ثقافي حقيقي منتج منفتح متقبل للأخر.
سورية | خاص موقع قلم رصاص الثقافي