الرئيسية » مبراة » قطعان من “الصحفيين”!

قطعان من “الصحفيين”!

إذا أردت أن تصبح صحفياً أو كاتباً، عليك أن تكون قارئاً في بادئ الأمر، لم أذكر قولاً لا يعرفه رواد الصحافة وحتى بعض حملة الأقلام وربما العوام، لكنهم رغم ذلك لا يعملون به ولا يقفون عنده لحظة ويفهمون مراميه، ليس لديهم الوقت الكافي لذلك، لأن جباية اللايكات أهم بكثير من التوقف لحظة وقراءة مقال لا يتعدى ثلاثمئة كلمة، قد يقول قائل: ومن أنتم حتى تحددون من هو الصحفي ومن هو المتطفل؟

إلا أن الحقيقة هي أننا لا نحدد ولا نضع شروطاً وهذا ليس من حقنا كل ما في الأمر أننا نناقش ظاهرة تفشت في مجتمعنا وتكاد أن تكون جائحة وبائية تنتقل عن طريق الغيرة وملء عقد النقص، قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كان الفاشل يصبح رجل دين، الآن بفضل الفيسبوك أضحى الفاشل “صحفياً” حسب زعمه طبعاً، وهذه إحدى ضرائب الانفتاح الفجائي غير المدروس، ربما يكون ما نمر به هو تداعيات الصدمة أو “هوشة العرب” كما نقول بالمثل الشعبي.

إن ما نراه ونطالعه كل لحظة على الصعيد السياسي والصحافة الميدانية في سورية، أمسى أمراً مثيراً للاشمئزاز وبات من المُعيب السكوت عنه أكثر، فأغلبية من ولجوا المجال قادتهم إليهم الصدفة أو حب الشهرة، ولكن لديهم قدرة عجيبة على معرفة أدق التفاصيل لأي حدث وهم في الحمام، أو عند الحلاق أو في المقهى وتراهم ينشرون خبراً جديداً بين كل سحبة من الأركيلة وأخرى، ينصرون من يشاؤون ويُخسرون من يشاؤون بغير حساب، وهم على الأغلب من أهل الخطوة وبإمكانهم أن يعرفوا ما يدور في ساحة المعركة حتى قبل أن ينجلي غبارها، ويثيرون الرعب في قلوب المدنيين وقد كنت شاهداً حياً على كثير من هذه الأخبار حين كنت في مدينتي الرقة، وكنت أصاب بالدهشة مع كل شريط عاجل جديد وكنت أسأل نفسي من أين يأتون بأخبارهم؟ وأنا هنا لم أرَ شيئاً واحداً مما ذكروه!، ثم يفاجئني أحد أبناء مدينتي بظهوره على إحدى القنوات ليشرح عن الوضع الميداني فيقول الرقة الواقعة على الضفة اليمنى لنهر الفرات، بينما هي  تقع على الضفة اليسرى!

إن هؤلاء بأمس الحاجة إلى دروس نظام منظم فأغلبهم من مواليد التسعينات ولم يلحقوا دروس الفتوة في المدارس السورية، لذلك يجب عدم الاكتفاء بإخضاعهم لـ«كورسات» “صحافة الوجبات السريعة” الدارجة الآن في سورية، كي يفهموا أن الكتابة ليست امتيازاً وإن صفة كاتب أو صحفي ليست رتبة حتى وإن مشى حامل الكاميرا ع الخط العسكري، وإن القضية ببساطة إن لم تكن في مكان الحدث مهما كان نوعه، يجب أن “تسد بوزك” ريثما تتبين الأمر من مصادره أو من مصدر موثوق جداً يُمكن أن يقدم لك معلومة صحيحة، وأصبح حرياً بقناة سما الفضائية أن تُعد فقرات عن التضليل الإعلامي لكن من خلال السوريين الذين تُفرخهم المراكز الصحفية المتنقلة التي تكاثرت بزمن قياسي كي تجبي الأموال وتُفرّخ “الصحفيين”.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *