الرئيسية » إبــداع » بيتنا العجوز

بيتنا العجوز

عبد السلام العبوسي | 

 

جِئـنا نَقُصُّ عِشاءً ظلَّ دمعَتِـنا                    حتى رَسَمْنا لـهُ في العَين مُفْتَـضَحا‍

ما هَزَّتِ الرِّيـحُ من أضلاعهِ وَتَراً              ‍    إلاَّ أَضاءتْ لـه النَّايـاتُ ما جَرَحا
أُمٌّ تُـوَدِّعُ في السِّتيـن نَجْمتَـها                   كأنَّ سِرْبـاً من الأحـلام قد جَنَحا
أَلقَتْ إلى اليَـمِّ من تَحنانِـها ولَداً                إنْ مسَّهُ الحَرفُ عَرَّى الرُّوحَ وانْشرَحا ‍
وكمْ أَعَدَّتْ لحِضْنِ الفَجرِ أجنـحةً                والحبُّ أغفى علـى أنفاسِها وصَحا ‍
لو أيقظَ الثَّـلجُ في النِّسيـانِ نافذةً             هِمْنا بشيـخوخةٍ نَسْتوقِفُ الفَرحا
بيـتٌ يُـكَحِّلُ للأنْـهار ضِفَّتَـها                       وكُلَّـما لامَسَـتْ أوْجاعَـهُ صَدَحا ‍
كُنَّـا على رَشْـفَةٍ من حُزْنِ غُربَتِنا               نَطوي الشِّـفاهَ على مِرآتِـهِ قَدَحا ‍
لا مِلْحَ في الرُّوح يَكفي طَعْمَ لَهفَتِنا           ولا جَنـاحَ أَبٍ في لَيـلنا سَنَـحا

يا بيتنا المنْتَشي من طـولِ ما نَثَرتْ           سُمْرُ النَّخيـل على أفراحِهِ البَلَحا ‍
 كأنَّ فـانـوسَهُ أَطـلالُ أَخْيـلَـةٍ                    أَسْرَى بِـها زَيتُها من غابـرٍ جَنَحا ‍
 بابٌ رَسَمنـا على أشجانِـهِ وطناً               حدودُه العيـدُ والوَرْدُ الذي نَـفَحا ‍
 منذُ الطفولـةِ مـا كنَّـا لِنَـقرأَهُ                     حيـن الكلامُ على أَلوانِـهِ ذُبِـحا ‍
 حتى كَبِرنا وقـالَ الذِّئبُ قولتَـهُ                 صِرتـمْ خِرافاً وصارتْ أُمُّكمْ شَبَحا
 ضاقتْ بنـا لُغَةٌ مِقدارَ ما وَسِعَتْ              وعُوقِبَ الحبُّ بالقَدْر الذي صَفَحا

شاعر سوري ـ دير الزور |  خاص موقع قلم رصاص

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

سرابٌ بطعم الوطن

دَعُوهَا ليّسَ لَهَا مُسْتَقَرٌّ في ظلال ِ الياسيمن سرابُهُم في كفِّه وطنٌ التيه: هل من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *