الرئيسية » مبراة » أكذوبة شهادات “حقوق الإنسان”

أكذوبة شهادات “حقوق الإنسان”

أي سوري أو عربي أو شرق أوسطي سيضحك كثيراً إن حدثته عن حقوق الإنسان في بلاده، ولعله سيدخل في غيبوبة إن استرسلت في حديثك ووصلت إلى الحريات على اختلافها كي لا يُحسب حديثنا على السياسة وحسب.
كيف لو رأيت فجأة أن جهة ما ـ تُذكرنا بالجامعات التي نشأت بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في الدول الناشئة التي وجدت في فاشلي الدول العربية خير زبائن للشهادات التي تمنحها ـ قد منحت إحداهن شهادة تقدير لجهودها التي تبذلها في سبيل الحريات وحقوق الإنسان في سورية خلال عام 2016!!.

الحقيقة أنا لا أمزح ومثلكم استغربت ما رأيته أيضاً واستهجنته ولو كنت أملك سبيلاً للإدانة والاستنكار والشجب لفعلت ذلك دون تردد، لفعلته باسم آلاف الموتى والمعتقلين والمخطوفين وملايين النازحين والمُهجرين.

لا نريد ذكر اسم تلك السيدة كي لا نمنحها بعض الشهرة المجانية التي تسعى إليها وهي مستعدة للمشي على أربعة حتى تحصل عليها، وقد فعلت ذلك مراراً، إلا أننا نعرفها معرفة شخصية ونعلم أن لا شأن لها في أي مجال من هذه المجالات، وندرك جيداً أنها أثثت بيتها في مدينة حمص السورية من غنائم “التعفيش” عندما اقتحمت قوات الجيش السوري أحياء المدينة في عام 2012، بل أنها كانت توصي على مواصفات معينة من الأثاث المنهوب من بيوت السكان الذين نزحوا بما عليهم من لباس حين داهمتهم قذائف الموت على اختلاف مصادرها همهم النجاة بأبدانهم فقط.

تلك المرأة التي تنشط في المجال الثقافي عبر علاقات خاصة وعامة محورها العالم الافتراضي “فيسبوك” و”وتس آب” لبناء مجد شخصي لم يسبق أن شاهدنا أو قرأنا أي تصريح لها يخص الحدث السوري رغم مرور ست سنوات على بداية الحرب في سورية يخص الحدث بشكل عام أو حقوق الإنسان والحريات بشكل خاص.

لذا يحق لنا التساؤل إذن عن الدور الذي لعبته أو قامت به تلك السيدة حتى تحصل على مثل هذه الشهادة؟ وهي التي لم تفكر يوماً بزيارة مراكز المُهجرين في الداخل السوري وكل ما تفعله أنها تذهب إلى مراكز الهلال الأحمر السوري آخر كل شهر وهي تحمل توصيات بعض معارفها من ضباط ومسؤولين في الحزب لتحصل على سلال غذائية وُجدت من أجل آلاف المُهجرين ممن فقدوا بيوتهم وسكنوا في الخيام أو في مراكز إيواء بدائية أقامتها الحكومة للتخفيف من آلام السوريين الفارين بأرواحهم بعد أن وأدت الحرب أحلامهم.

نعرف أيضاً أن هذه النماذج أصبحت كثيرة وعلى امتداد مساحة الوطن، وأما الجهات في خارج الحدود السورية فهي تمنح مثل هذه الشهادات بناء على محادثات افتراضية تنشأ على “الفيسبوك” ثم تتطور لاحقاً وتصبح أكثر حميمية إلى أن تتوّج بمنح شهادات تقدير يتفاخر الحاصلون عليها بنشرها عبر صفحاتهم في الفيسبوك ليكتمل مشهد الدجل والاحتيال بحثاً عن الشهرة والوصول بأي طريقة كانت، وربما هؤلاء هم الميكافيليون أنفسهم الذين تبرر الغاية عندهم أي وسيلة، وغياب الأخلاق يُسهل عليهم مهمتهم، فهم لا يخجلون حتى من أقرب الناس إليهم ممن يعرفونهم جيداً ويدركون حقيقتهم بأبشع تفاصيلها.

لذا وجب علينا القول: إنكم وشهاداتكم ومن منحكم إياها بغير وجه حق في شسع نعل أصغر طفل سوري قضى في تلك الحرب المشؤومة.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *