لورين المحمد |
وكغريقٍ، كنت منذ 2011 أحرك محرك البحث على كلماتٍ تُشعرني بشيء من التغيير الإيجابي، قادم…
فكلُ شخصٍ يبحث عن ومضات أمل يحتسيها، قهوةً في الصباح، حتى وإن كانت رديئة المصدر. ولكن كنتُ أعلمُ أنني في كل مرة أبحث فيها عن هذه الكلمات، أميل لأن أًصدق تلك ذاتِ جرعةِ التخدير الأكبر!.
فالمدمنُ في بدايته يتلقف أي نوع متوفر، ومع استمراره يميز ويستلذ بذي المذاق والمفعول الأفضل. كذلك تلك المخدرات التفاؤلية التي نشتريها كل عام من بقالياتٍ رديئة السمعة لبيع الأمل.
ومع ذلك نشتري منهم مع علمنا وقناعتنا برداءة المنتج واستخفافه لعقولنا في كل عام .
في كل دكان أفتش فإن وجدته يقدم جرعة تفاؤلية ونصراً قادماً بأسلوب مستساغ، تلقفت منتجه ببعض التردد. مكثت فيه وقلبت صفحاته وأنا أحتسي مخدراتٍ جيدة النوع بالنسبة لي.. وأخرج باحثة عن مخدرات جديدة في دكان جديد مع أنني قرأت في سابقه ولكن .. الفضول!!
فإذا ما وجدته يبيعني التشاؤم والأيام السوداء آتية. تراني أهرول بفزع متلفتة ورائي خوفاً من أن تلتصق بي جرعة التشاؤم التي يحاول زراعتها في دمي بفظاظة المتطفل الذي يأبى لنا أيا أمل.
منذ 2011 وهذه هي الحال مع تلك الجمل المكررة والنجوم الساطعة والخابية والمشتري وزحل والشمس والقمر والأشهر والتأثيرات الفلكية. وتباً لزحل إذا دخل بيت مالي واللعنة على المشتري إن خرج من بيت سعادتي. ونستمر بالبحث عن مخدرات القدر.
ولكن تمر السنين وكلما نظرنا إلى داخلنا أكثر من تحديقنا في محيطنا تتعزز مناعتنا ضد هذا المخدر أو ذاك. فجأة انطفئت رغبتي لإدمان هذا المخدر شعرت بصحوة لذيذة.. نعم .. صحوة !
2017 .. دخلت دكان الأمل أقرأ بدعوة من صديقة. وإذ جرعات متضاربة لحَكَواتي صاغ رواية سيئة الحبكة. بين شد ورخي بين تشاؤم وتفاؤل وكأنه يخاف أن يخرج أي شخص من دكانه، سواء الباحث عن الأمل أو المعزز لأسبابه في الفشل …!!
حينها ضحك قلبي ضحكة ساخرة إذ وصلت إلى تلك الفقرة المتشائمة وإذ تلتها تلك المتفائلة وهكذا دواليك.
علمت أنني ومنذ زمن قد شفيت من التشبث بخيطان الهواء أو بقفزات بهلوانية عديمة الفائدة أو بنشوة جرعة دكان أمل سخيفة بانتظار قدر.
حين ضحك قلبي بسخرية ومال علمت أنني أشعر أن ما أقرأ هو مجرد خربشات فشل، وأن من يكتب هو كمن يبيع حلوة لذيذة وتاريخ استلامها ما بعد الموت.
لقد أصبحت شخصاً مدركاً بكل جوارحه أن السنة والأشهر والأيام والمشتري وعطارد والمريخ والزُهرة يسكنون ما نريدهم أن يسكنوه. والقدر الذي ننتظره علينا أن نمشي إليه ونصنعه وأنني إذا ما أردت أن أصنع الأمل سأفعل، وأنني إذا ما أردت أن أصنع الفشل سأفعل وأنني إذا بحثت عن بيت المال والمهنة والحظ لوجدتهم بين يدي.
حتى الحب هو نسج أيدينا ونخسره بصناعة أيدينا ونسقيه بما ملكت أيدينا، وحينها لا ينزرع في قلوبنا لا يأس ولا ندم. توقفت البحث عن شمس خرجت من بيتي أو عطارد دخل يزعجني…
لن يزعجني إلا عدم اقتناص الفرص. ولن يؤرقني سوا الندم على خطوة لم أخطوها أو محاولة لم أحاولها أو دقة قلب لم أنصت إليها أو درساً لم أتوقف عنده أو امتنان لم ألتمسه.
هذا هو طالعي، طالعي صنع يدي، لذا أغلقت تلك الدكاكين بائعة الأمل البخس وانطلقت لأصنع أملي وطريقي من ذهبٍ حُر.
دمشق | خاص موقع قلم رصاص