قلم رصاص |
منذ عام 2010 ينشغل الفنان التشكيلي دلدار فلمز بمشروع “كل يوم لوحة” الذي يحمل ملامحاً أفكاراً وهذيانات ذاتية تحاكي تفاصيل الحياة عبر مخيلة خاصة، تصوغ خطوط الفنان في مقترح نوعي يقارب بين السوريالية والتعبيرية محاولاً تكوين “حلم” ربما، أو فكرةً لا تخلو من الغربة تجعل المتلقي يشعر وكأنه أمام “أقوال شعرية في ميزان اللون”.
2010 الغرق في الأبيض والأسود
عندما بدأ الفنان محاولته اليومية في “تدوين” صوته، كانت اللحظات الأولى طفولية قلقة، فاختار اللون الأسود وتدرجاته، ذاهباً نحو القساوة في النظر إلى محيطه، ليصطاد شكلاً أو وجهاً أو كولاجاً بين الأشياء والكائنات، ثم يعيده إلى الحقيقة التي يشعر أنها هكذا، لتبدو مثلا الوردة الهادئة في قمة غضبها وهي تثقب نهداً لامرأة ضاعت ملامحها، تاركة أسئلة الصراخ مكتومة: “لماذا أبسط الأشياء يمكن أن تكون قاتلة؟”.
2011 شخوص هائمة
أدخل الفنان في العام التالي، اللون الأحمر بكل صخبه وحرارته، فأصبح شريكاً قوياً للون الأسود، من حيث التأثير على مضمون اللوحات وطبعها بهوية خاصة.
معظم ماقُدم ضمن هذا الزمن في يوميات “فلمز” هي أجزاء من أشخاص، أو تكاد تكون شخوصاً خارجة للتو من معركة تجريدية حافظت على
جغرافيتها مع قليل من النزيف الذي تحول لاحقاً إلى اللون الأحمر القاني، حيث لا يفسد امتداده إلا بعض التعرجات القادمة من قطع القماش الاضافية فوق جسد اللوحة المؤسس.
هكذا، قد تجد الأجساد بشكلها المستطيل وهي تقترب من مرحلة الاندماج، بينما أطرافها معدومة وأعناقه تطل على جحيم ما، وسيل من الفوضى في الأسفل كان يتضمن، ربما، تلك الأيادي والأقدام المفقودة.
الألم الشمال السوري
هذا العنوان الذي اختاره الفنان منذ فترة لرسم يومياته اللونية، كان يخفي في البداية، أن تلك التجربة نفي للألم، لكنها تجلّت الآن مع تزايد الجراح التي تطفو على أعماله الأخيرة القادمة من شمال الكرة الأرضية حيث يعيش في “زيورخ” إلى ذاكرة الحسكة السورية، حيث “عاش باكراً” وكتب قصائده.
اليوم يطل الفنان دلدار فلمز، بنوافذه الأكثر خصوصية من قبل، لينشرها عبر الانترنت تحت توقيع “الألم الشمال السوري” تلك التجربة التي يبدو عليها الاعتناء الدقيق بالتفاصيل مع رشاقة شعرية ترمي موسيقاها وتمضي.
في لوحة بعنوان 5/1/2017 تظهر عبارة بالكاد تقرأ “مروا من هنا” من هؤلاء الذين مروا يا ترى؟ ولماذا تظهر تلك العبارة عبر نافذة على هيئة جسد جنين، لم يكن لديه الوقت الكافي ليغمض عينيه قبل أن يموت.
مثل هذه اللوحة، ثمة عشرات الأعمال المتنوعة التي يقدمها الفنان “فلمز” في القراءة التشكيلية للواقع الأليم حيناً، ولاشارات التأمل والأمل حيناً آخر، هي كتاب لوني، حروفه الأولى كانت أحلاماً صغيرة، ومع ارتفاع الصرخات تحاول الألوان مجاراة الأحلام الآخذة بالنمو والتفجر.
خاص مجلة قلم رصاص الثقافية