رامي الخيّر |
طوبى لهذا الوطن الكبير الذي اتسع لكل البشرية ولم يتسع للسوريين!، بل وجعلهم يشعرون بأن المساحة السورية أضيق من أن تستوعبهم، أو أن تستوعب أحلامهم، وطاقاتهم المهدورة في مجارير الصرف الصحي الخاصة بالحياة…
محمد مهدي الجواهري ومن منّا لا يعرفه، ذلك الشاعر الكبير المنفي من العراق والذي اتخذ من سوريا وطناً بديلاً له وذاع صيته هنا.
مظفر النواب “أبو عادل” شاعر المنفى والسياسة والاغتراب والصوفية بمعناها الحديث والمعاصر، ومن منّا لا يذكر قصيدته الشهيرة التي ألقاها في دمشق “القدس عروس عروبتكم” ومن دمشق اتخذ النواب وطناً بديلاً أيضاً.
رئيس الوزراء العراقي السابق السيد نوري المالكي، والذي بدأ كفاحه بالحياة بائع جوال للمسابح في دمشق ولا عيب في ذلك..
الشاعر العراقي عبد الوهاب البياتي الذي أغلقت كل الأبواب في وجهه والذي رحل عن عالمنا متوفياً بمرضه تاركاً وصيته بدفنه في سوريا أيضاً…
والأمير عبد القادر الجزائري الذي نفاه الفرنسيون واتخذ من دمشق أيضاً ملجأ له، ولن أنسى أن أذكر لكم أحد كبار أستاذة جامعة دمشق باللغة العربية وهو أفغاني الجنسية الأستاذ سعيد الأفغاني، وفي العام 2016 استقبلت سوريا أيضاً أعداد هائلة من كل أنحاء العالم من إيران والشيشان وأمريكا وروسيا وتركيا والسعودية وباكستان..
لكن الأمر مع السوريون مختلف في سوريا، حاولت أن أضع نفسي بموضع المقارنة مع من ذكرتهم ولم تكن المقارنة على أساس ما يمكله كل شخص من معارف بل على أساس الفرص…
فهل ستسمح لي المحافظة أو البلدية بفتح بسطة ما في دمشق من دون أن تتعرض البضائع التي أقوم ببيعها للمصادرة ومن دون أن أتعرض للعقوبات المختلفة كدفع الغرامات والسجن، أو دفع الأتاوات أيضاً؟؟
وهل ستستقبلني جامعة دمشق أستاذاً في القانون بعد أن أستطيع أن أحقق حلم الدراسات العليا وحلم الدكتوراه, تلك الأحلام التي غدت صعبة المنال لاعتبارات عديدة منها التعقيد الإداري الخاص باجراءات التقدم للماجستير والدكتوراه؟
هل سيستقبلني أحد ويستمع لشعري كما استمعوا لشعر القدير مظفر النواب فلي قصيدة عنوانها “دمشق عروس عروبتكم”..
نحن يا سادتي مغتربون في الداخل، وخبرٌ عاجلٌ في الخارج.. نحن المعونات، والبحر الكبير الذي التهمت أسماكه العديد من أجسادنا، التي جعلناها جسراً للعبور إلى مكان آخر، على الأقل يدفع لنا هناك بالعملة الصعبة “باليورو مثلاً” دعوني أسمي لكم المبالغ التي تدفع لنا هناك “بدل أحلام”..
نحن المستغرقون في نجوم في السماء، لا شك أن الذي اخترع التحذير بعدم عدّ نجوم السماء كي لا يؤدي ذلك إلى ظهور ما يدعى “بالثآليل” على جسدنا كان مستغرقاً في حلمه..
خاص مجلة قلم رصاص الثقافية