لست مشغولة بحكم الآخرين علي، ولا يهمني أن أتغابى من أجل نصف رجل، ولا يعنيني أن أظهر ودودة ولطيفة وطيبة القلب، فأنا ماكرة، وأحب كيد النساء، لاذعة كفلفل حار وحادة كسكين، بنت القلق، ودم القلق هو ما يجري في عروقي، أحس بألمي دون أن أشعر أنني ضحية، مشغولة بواقعي، فهو وحده ما أملك، أفكر كثيرا لأن التفكير هو الحرية المطلقة، أحلم بالأشجار لأنها وحدها تموت واقفة.
لا أمتلك مهارات التواصل الاجتماعي، وفاشلة في الحفاظ على الأصدقاء في حياتي مطوّلاً، غالباً ما يراني الآخرون فقاعة صابون مبهجة، تفرحهم لوهلة ثم تتلاشى بفعل صمتها المطبق، فلي مزاج عقرب يجيد التقوقع على ذاته ولدغها، مع أن سمه ما زال يثير حذر الآخر، السم ذاته الذي دجّن بفعل الزمن، وبات ترياقا!
لا أتقن الشجن الصائت، كما يمكن اعتباري جزرة أو فجلة أو حتى حبة بطاطا، تستفيد من جذورها أكثر من فروعها الظاهرة للعيان، وهذا سيئ في عصر الصورة، و الeasy life ، فنحن لم نعد في زمن الحفر الذي ارتبط تاريخياً بشقاء عمال المناجم.
الحياة قصيرة تماماً ، ولا أستطيع أن أمتلك أكثر من شغف، لا شغف بالسينما، لا شغف بالموسيقا، لا شغف بالفن التشكيلي، ولا بالسفر …كلها اهتمامات طارئة، أعيش فقط داخل الكتب ، لم أفعل أي شيء حقيقي في حياتي إلا منها وبها وإليها، الباقي كان خسارة – هذا الباقي كثيراً بالمناسبة -، حياتي باهتة وقاسية جداً ترى كل شيء خارج القراءة والكتابة سبباً للشعور بالذنب حتى الأمومة والحب، أحياناً أتساءل هل أحيا في الواقع فعلاً؟ ربما أخافه، فأسرق حيوات الآخرين وأعيشها باللغة، هوسي الوحيد هو اللغة بأضيق معنى لها، مرضي الكلمات التي أعيش داخلها حياتي.
منذ زمن لم يعد يهمني أن ألقّن الآخرين من أنا، تخلصت من دكتاتورية الراوي العليم في رواية هذه الحياة، وتركت للشخصيات في حياتي أصواتها الحرة، تعبر بديمقراطية وبدلالات مشرّعة.
الغربة أكثر قسوة على من يعيش داخل اللغة، لذاك كان النص السابق.
خاص مجلة قلم رصاص الثقافية
ما أروع قلمك يا وسام …