دفق

بيان أسعد مصطفى  | 

بيان أسعد مصطفى

كانت هادئة…
فلو لمعت الكهرباء السكونية في شعري سيكون لها معنى.
كانت بلا ملامح واضحة أيضاً…
كأن قبيلتين من الأشجار حُملتا على ظهر شاحنة مفتوحة على كل الهواء.
كتصورات مستخلصة من لوحات لم يسبق لي أن رأيتها، فيها خليط من ألوان غريبة، تحققت وصنعت ما يفوق العشرين حاسّة.
كطفلة تتعلم الإمساك بالقلم لأول مرة ثم ترسم أول الأشكال دهشةً.
كخيمة لم تدرك بعدْ سببَ عدم تثبيت جميع جوانبها في رياح مثل هذه.
كخيط لم تلثمه الفتاة، وسريعاً أدخلته في الإبرة قبل أن تكتشف جدتها ذلك.
كمرآة وقعت من حقيبة الفتاة وبقيت حائرة في الأمر لمدة طويلة قبل أن تحرق الغابة.
كفيلم قصير عن التغيرات التي تحدث في لون الثلج من الشفافية إلى البياض ثم إلى الزرقة ثم إلى الأكثر زرقة.
مثلي حين أنكر كل شيء حولي، وأعلن انتمائي إلى أرض بعيدة تقع على كوكب خافت.
كرائحة المطر في أغاني فيروز، أو النار في أغاني محمد عبده، أو الذكرى في أغاني جوليا بطرس.
كآخر رشفة من القهوة أمام فتاة جميلة.
كدفء نبتة جديدة على أرض القدس.
كإغفاءة عينيه بعد ليال كثيرة من التفكير لا أعرفها، كجبينه المضيء، كصوت الحروف الشديدة في كلامه، ووقعها الجميل.
كأنا حين أنظر إلى جهة الشرق بإمعان منتظرة وجهه، بينما الرجل الخائف ينظر إلى الغرب منتظراً أن تشرق الشمس ويختفي.
كحبّ صادق وعميق وغريب وأخير في مثل هذا العالم الذي يتقدم خطوات بطيئة ومؤلمة نحو الفوضى.
لقد كانت في توقيت الغيم، في ذهن أكثر الناس عطراً، في أكثر الأكواخ تعمقاً في الغابة، على جناحي أكثر الطيور خفّة.
الليلةُ التي قال فيها: “أحبك”.

قاصة أردنية  |  موقع قلم رصاص الثقافي

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

النسّاجة

عندما زارنا أول مرة كنت قد كبرت شبراً إضافياً، مسّد على شعري، داعب أرنبة أنفي …

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *