أحمد م أحمد |
يجد الداجن السوريّ على حوافّ المزابل قوتَه السهل: القوقأة، أو النعير، أو الجعير؛ بذلك يظن أنه يدفع عنه حرباً ويشيح عن أهليه الخطر.
يضيّع بوصلتَه، ويغمض أعينَه، ويستمرئ الخديعة السايكولوجية في مخاتلة إحساسه بالضّعة والصغار وفقدان الوسيلة، فيستطيب النباح لكي يركن إلى الراحة بعد تفريغ عقيم ورخيص.
إنه لأسهل على السوريّ أن يشتم ويسبّ من (تحت الزنّار ونازل) من أن يمدّ يداً لسوريٍّ آخر كي يصافحه ويتفهم آلامه؛ ففاصل عواءٍ كفيل بإفراغ شحنةٍ تأسست من مزيج الرعب والكراهية والطائفية.
يعرُّ السوريُّ الذي أصابه الفَرَقُ والهلع، ويستلُّ حدثاً طارئاً طفيفاً لكي يشهِّر بفاعله، كدفاعٍ داخليٍّ عن تخاذله ومهادنته. رأينا السوري يذهب ليسلكَ الطريق السهل ويدفن رأسه في خراء مفردات عقيمة كعقم بصيرته.
ينسى الكرُّ السوريُّ دمار بلده وانهيار مؤسساته وتشرد أهله، ويلتفت إلى حدثٍ مثل نقل مكتبة سعد الله ونوس إلى الجامعة الأميركية ببيروت، فنباحه يريحه، ويُسلمه إلى نومٍ هنيءٍ يشبه نومَ مَن حرّر الجولان وفلسطين.
ما أسهل أن تسبَّ زوجة سعد الله ونوس لأنها نقلت مكتبته إلى مكان آمن يحترم تركة الراحل. وما أصعب أن تتفهّمَ، يا بهيمُ، أن نقلَ تدمرَ إلى سيبيريا أفضل من تركها تحت رحمة داعش أو ربّ القرود السّود.
نعم، لو كان بمقدوري أن أنقل تدمر وبصرى والبحر والسماء إلى مكان آمن لفعلتُ؛ ولو استطعتُ لنقلتُ كل حجرٍ ذي تاريخ إلى خارج البلاد، فالبلاد أضحتْ وكراً للحثالة والزبالة الغرائزية، كما أضحتْ مزبلةً تعتاش حضرتك على فُتات أطرافها.
أتركضُ وراء نقل مكتبة من 2500 كتابا، وتنسى دمار حلب، وتحلّلَ البلاد، وانهيار بنى الدولة، وتشرع بالرفس مثل البغل يميناً وشمالا؟
كنتُ أول الناصحين لـ فايزة شاويش بأن ترحِّلَ المكتبة إلى خارج البلاد، وسأنصح بإيداع آثارنا السورية في مكان أكثر أمناً، وسأنصحك قبل كل شيء بأن تكون حرّاً حقيقياً وليس داجناً اغتذى على هرمونات الجهالة، فترفع صوتك ضد القتل والدمار والتهجير، ضد السرقة والتعفيش، ضد استباحة البشر والحجر، ضد التفرقة والطائفية، وأخيراً ضد تهافتك وانحطاطك الأخلاقيّ والروحيّ.
لسانك القذر يدلّ على وضاعتك، وما تلفّظتَه من كلمات ضد السيدة فايزة شاويش يدلُّ على أمرين اثنين: أنك داجن سريع التكوين والزوال، وأننا ذاهبون إلى المجزرة.
سلامات يا Fayza Shawish
وأنا معك ضد كل أنواع دجاج الهندسة الوراثية في الساحل السوري خصوصاً.
كاتب ومترجم سوري | موقع قلم رصاص الثقافي