كان الرجال يلتزمون بتعليمات الشرطي لفترة وجيزة ثم يعودون إلى امتصاص دخان الكيف بلذة وكأنهم يمتصون رائحة الحرية..
قال الأشقر بعد أن سعل واحمرّ وجهه، ثم استعاد أنفاسه :
– لكل امرأة مفتاحها الذي يشبه مفتاح السجن ما أن يوضع في القفل حتى تغيب عنك شمس الحياة..
تنحنح الرجل الأسمر، وسحب نفساً طويلاً من سيكارة تحتضر وقال :
– لكل امرأة مفتاحها الذي يشبه نافذة السجن، ما أن تفتحها لتهرب منها، حتى تأسرك، وتلف حولك حبالها التي لن تتخلص منها حتى تتحول إلى خشب منخور من أخشابها .
تنهد الرجل الأبيض وقال:
– لكل امرأة مفتاحها الذي يشبه باب السجن، ما أن تلجه حتى تعلق بين ضفتيه، وتصبح مع مرور الزمن مسماراً صدئاً لا يقوى على الوقوف .
لوّح الرجل الطويل بأصابعه التي تخنق بينها سيكارة فتية وقال :
– لكل امرأة مفتاحها الذي يشبه جدار هذا السجن فما أن تكتب عليه أول تاريخ حتى تمتلئ الخرابيش التي ستضيع بين طلاسمها، وتكف عن عدّ السنين..
انتفض الرجل القصير ومط رقبته قائلاً :
– لكل امرأة مفتاحها الذي يشبه سقف السجن فكلما ظننت نفسك تطاله كي تحطمه، كلما انسحقت تحت فشل المحاولة..
أسند الرجل الأشقر رأسه على الحائط وقال :
– كنا نلتقي في بيت عمتها المريضة التي لا تفارق سريرها، ما أن تراني المرأة حتى تسرع إلى إغلاق باب غرفة عمتها، وتقودني إلى المطبخ، تدور حولي، تعد الشاي، وتضع الأكواب في طبق قديم، تفوح رائحة الشاي، مختلطة مع رائحة الأنوثة.. تضطرم الرغبة في رأسي، أجذبها إليّ، يتلقفها حجري، تغلي الدماء في رأسينا، تموء، أثور.. أغرس أصابعي في خصرها.. تغرس أظافرها في ظهري ومن ثم تغيب الرؤية عن ناظرينا، ونتبلل بمياه المطبخ الآسنة….
وبعد استنشاق واختناق، أتركها تلملم ثيابها، وتغلق الباب ورائي وتغيب .
قام الرجل الأسمر، أزكى النار بعيدان يابسة، وعم دفء من نوع خاص في تلك الغرفة الصغيرة وقال :
– من عرف منكم لذة التسلل من الفراش كي يلتقي براقصة؟
هذا ما كنت أفعله، وبعكس كل الرجال كنت أساعد راقصتي في ارتداء ملابسها، ونحصل على اللذة من فوق الثياب، وكما هو معروف فالراقصة تقضي عمرها بحثاً عن رجل يغطي مفاتنها عن العيون الشبقة، مقابل أن تعطيه لذة شتوية تتكسر ثلوجها من وراء حرارة الأنسجة..
قال الرجل الأبيض وهو يقدح زناد ولاعته الرطبة :
– قالت أمي: سأزوجك من امرأة لم تر الشمس، ولم يقبِّل فمها غيرك. وبما أنه لا وجود لهذه المرأة.. فقد كنت أزحف على بطني ما أن يذهب أخي إلى عمله الليلي، تفتح زوجته الباب، تخلع ثوب نومها المشمشي، وتستلقي على بطنها، وتدعوني وهي تلاعب قدميها في الهواء، وتحكهما ببعضهما..أستمر في زحفي مثل حنش كبير، أتسلق السرير، وقد جف ريقي، أعتلي ظهرها، وأوسعها ضرباً وركلاً حتى يحمر جلدها، ثم أستخرج لذتي المخنوقة، وأعود زاحفاً حيث لا زالت أمي تؤدي صلواتها ودعواتها كي تجد الفتاة التي لم يقبِّل فمها غيري..
قال الرجل الطويل :
– لم تثرني يوماً المرأة الشقراء الهيفاء..كم كنت أركض لاهثاً وراء القصيرة السمراء التي لا تضيء بقدر ما تطفئ..
وأهم قصة جرت معي، كانت مع خادمة أسيوية، كنت أراقبها، وألاحقها وبعد إشارات، وتلميحات اتفقنا..كم كانت قصيرة، ودقيقة الملامح..صدقوني كان يلزمني مجهراً ألكترونياً كي أرى تفاصيلها..لكنها كانت مذهلة فقد أشبعت شبقي، وعلمتني فنونها الأسيوية المترعة بحقول الأرز، والعيدان الرفيعة التي تناولتني بها لقمة واحدة وسائغة..
تقدم الرجل القصير وهو يمد قامته.. أطفأ سيكارته في صحن مليء بالأعقاب و قال بعد أن أسند رأسه على الجدار :
– أحرقتني المرأة يا إخوان بنظراتها الخبيثة التي كانت تجرد قامتي القصيرة من فوق إلى تحت، كأنها تتلذذ بعذابي، لكنني قررتُ أن أعطيهن دروساً بالفحولة لا تنسى.. كنت أمزق المرأة التي أختلي بها بشراسة قلّ نظيرها، أشطرها إلى نصفين.. لا أرحم صراخها، ولا أتركها حتى تعدني بأن تقصّ على صديقاتها أحداث ليلتنا المشتعلة دون غش، وبمكر شديد.. وهكذا تحولت بين ليلة وضحاها إلى زعيم الحي الذي يشار له بالبنان..
فجأة عمَّت الضجة في الخارج، فتح باب الزنزانة، واقتيد الرجال، ليزج كل منهم في سجن إفرادي، عقوبة لهم على تعاطيهم دخان الكيف، وقد ناموا وهم يحتفظون بدمعة كبيرة وقفت على أهداب عيونهم..
وهذا ما كان يحصل كل ليلة في زنزانة المخصييِّن.
مجلة قلم رصاص الثقافية