عزيز نيسين |
جاءت بقرة الى باب قصر السلطان راكضة، وقالت لرئيس البوابين : أخبروا السلطان بأن بقرة تريد مقابلته.
أرادوا صرفها، فبدأت تخور، لا أخطو خطوة واحدة من أمام الباب قبل أن أواجه السلطان.
أرسل رئيس البوابين للسلطان يقول: مولانا، بقرة من رعيتكم تسأل المثول أمامكم.
أجاب السلطان: لتأتِ لنرى بأية حال هي هذه البقرة.
قالت البقرة: مولاي، سمعت بأنك توزع أوسمة، أريد وساماً.
فصرخ السلطان: بأي حق؟ و ماذا قدمت ؟
ما نفعك للوطن حتى نعطيك وساماً ؟
قالت البقرة: إذا لم أعط أنا وساماً فمن يعطى
تأكلون لحمي، و تشربون حليبي، و تلبسون جلدي، حتى روثي لا تتركونه، بل تستعملونه، فمن أجل وسام من التنك ماذا عليّ أن أعمل أيضا ؟
وجد السلطان الحق في طلب البقرة، فأعطاها وساماً من المرتبة الثانية.
علقت البقرة الوسام في رقبتها، و بينما هي عائدة من القصر، ترقص فرحاً التقت البغل، و دار بينهما الحديث:
مرحباً يا أختي البقرة.
مرحبا يا أخي البغل.
ما كل هذا الإنشراح
من أين أنت قادمة
شرحت البقرة كل شيء بالتفصيل، و عندما قالت أنها أخذت وساماُ من السلطان، هاج البغل، و بهياجه و بنعاله الأربعة، ذهب إلى قصر السلطان.
وأخذ يصرُخ عند باب القصر: سأواجه مولانا السلطان.
ممنوع.
إلا أنه و بعناده الموروث عن أبيه
حرن وتعاطى على قائميه الخلفيين، أبى التراجع عن باب القصر، نقلوا الصورة إلى السلطان.
فقال: البغل أيضاً من رعيتي، فليأتِ و نرى
مَثُل البغل بين يدي السلطان، ألقى سلاماً بغلياً، قبّل اليد و الثوب، ثم قال بأنه يريد وساماً،
فسأله السلطان:
ما الذي قدمته حتى تحصل على وسام
فقال البغل : يا مولاي، و من قدم أكثر مما قدمت
ألست من يحمل مدافعكم و بنادقكم على ظهره أيام الحرب
ألست من يركب أطفالكم و عيالكم ظهره أيام السلم
لولاي ما استطعتم فعل شيء.
فأصدر السلطان قراراً، إذ رأى البغل على حق، فقال السلطان: أعطوا مواطني البغل وساماً من المرتبة الأولى،
و بينما كان البغل عائداً من القصر بنعاله الأربعة و هو في حالة فرح قصوى، التقى بالحمار.
قال الحمار: مرحباً يا ابن الأخ.
قال البغل: مرحباً أيها العم، من أين أنت قادم و إلى أين أنت ذاهب ؟
حكى له البغل حكايته،
حينها قال الحمار: ما دام الأمر هكذا سأذهب أنا أيضاً إلى سلطاننا وآخذ وساماً، و ركض بنعاله الأربعة إلى القصر،
صاح حراس القصر فيه، لكنهم لم يستطيعوا صده بشكل من الأشكال، فذهبوا إلى السلطان و قالوا له: مواطنكم الحمار يريد المثول بين أيديكم، هلا تفضلتم بقبوله أيها السلطان
قال السلطان: ماذا تريد يا *مواطننا الحمار*
فأخبر الحمار السلطان رغبته، فقال السلطان و قد وصلت روحه إلى أنفه: البقرة تنفع الوطن و الرعية بلحمها و حليبها و جلدها و روثها، وإذا قلت البغل، فإنه يحمل الأحمال على ظهره في الحرب و السلم، وبالتالي فإنه ينفع وطنه، ماذا قدمت أنت حتى تأتي بحمرنتك و تمثل أمامي دون حياء و تطلب وساماً ؟
ما هذا الخلط الذي تخلطه؟
فقال الحمار وهو يتصدر مسروراً: رحماك يا مولاي السلطان، إن أعظم الخدمات هي تلك التي تُقدم إليكم من مستشاريكم الحمير، فلو لم يكن الألوف من الحمير مثلي في مكتبكم، أفكنتم تستطيعون الجلوس على العرش ؟
هل كانت سلطتكم تستمر لولا الحمير و كذلك لو لم تكن رعيتكم من الحمير، لما بقيتم في الحكم يوم واحد .
عندها أيقن السلطان أن الحمار الذي أمامه على حق، ولن يستحق وسام من التنك كغيره، وإنما نفتح له خزائن الاسطبل، ليغرف منها كما يغرف غيره من الحمير…
موقع قلم رصاص