رامي الخيّر |
ـ الساعة الرابعة عصراً أو ما يسمى بوقت الذروة في دمشق حيث انصراف موظفي القطاع الخاص وعمّال الحرف اليدوية وصغار الكسبة وما تبقى من موظفي القطاع العام بعد خروج العديد منهم قبل انتهاء موعد الدوام الرسمي.
وقفنا جميعاً تحت جسر الرئيس وانتظرنا جمعياً آملين أن نظفر بأسرع وقت ممكن بوسيلة نقل تقلنا إلى منازلنا, نسيت أن أخبركم أنني أيضاً أعمل في القطاع الخاص وغادرت مقر العمل قبل انتهاء موعد دوامي الرسمي …
تقترب إحدى الحافلات التي سوف تتجه إلى حيث أقطن وحيث حددت المؤسسة المعنية تسعيرة الركاب بمائة ليرة سورية, وقبل أن يصعد الركاب ( وأنا كنت معهم ) اشترط سائق الحافلة بأن التسعيرة هي مائة وخمسون ليرة سورية.. لم نأبه لمخالفته التسعيرة الرسمية ولم يأبه بنا باعتبارنا من أصحاب الدخل المتوسط ( وأيضاً هو ) وصعد من صعد بعد الازدحام على الحافلة إليها..
ـ طابور طويل على الفرن الآلي من أجل شراء الخبز المدعوم من قبل الدولة والذي أصبحت تسعيرته خمسون ليرة سورية بعد أن كانت خمس عشرة ليرة سورية وبعد أن وصلت إلى مقدمة الطابور دفعني أحد الأشخاص ذو بنية ضخمة وأخذ دوري و اشترى حاجته من الخبز وقبل أن يذهب رمقني بنظرة استخفاف و لم أقول له شيئاً …
– في بعض المناطق التي خيّم عليها ظلام الحرب بشكل كامل أصبح كيلو السكر يقدر بآلاف الليرات السورية من بعض المحتكرين الذين استطاعوا توفير هذه المادة بطريقة أو بأخرى.. كل ما في الأمر أن سكان تلك المناطق عزفوا عن شراء السكر, وفي مناطق أخرى كان ظلام الحرب أخف وطأة عليها من المناطق السابقة أصبحت “انبوبة الغاز “حلم للمواطن السوري الذي اكتفى بالبحث جاهداً عن أنبوبة يظفر بها أو البحث عن خيارات بديلة لأنبوبة الغاز ..
لا أدري لماذا تعودنا على القبول بأسوء الحلول بدلاً من البحث عن أفضلها، ولماذا استسلمنا بوجه عاصفة كنّا جميعاً الخاسرين الحقيقيين بسببها.. أوليس الساكت عن الحق شيطان أخرس؟
هل يعقل أننا كلنا شياطين ؟!
لاشك أن الصمت قوة فينا، لكن لماذا نصمت تجاه من يخرق القانون وتجاه من يحاول الانتفاع على حسابنا أوليس نحن من قيل بحقنا “يا أهل المروّة والعزة والكرامة “.
ما ينقصنا الجديّة حتى ننتصر جميعاً نصراً واحداً غير مجزء على عبثية الحرب وقذارة السياسة وإن إحدى جوانب الجدية هي السيادة، أقصد السيادة في الأخلاق وفي الرأي وفي الموقف وفي الكلمة وفي الشعور العام…
مجلة قلم رصاص الثقافية