عبد العزيز مختاري |
في الصباح عندما استيقظ، قالت له الخادمة، بأن “الحاج ” و”الحاجة ” و “نوفل” ذهبوا باكرا إلى “باريس” لقضاء “الويكاند” والتسوق، وعيادة قريبة لهم خضعت قبل يومين لعملية تجميل في إحدى المصحات الباريسية..
المدللة صابرين لم ترافقهم.. ليس لأنها لا تحب ” الشوبينك “، ولكن لأمر ما لا تعلمه الخادمة، وأنى لها أن تعلم ؟..
فتح باب الفيلا، وبقي واقفاً كالصنم ..انطلقت سيارة “بورش كاريرا ” الزرقاء كالسهم ، وكان واقفاً ينظر إليها حتى تجاوزت حدود الرؤيا، ثم أقفل الباب وراح يسقي الحديقة، ويردد في داخله “إلى عطاتك ليام دير كاتريام” ..
لم تكن الظروف مهيأة لينال حظه من الدراسة، ولم تكن لديه حرفة، فصار حارسا وبستانيا في فيلا “صابرين”.. أحد معارفه هو الذي توسط له عند “الحاج”، فحظي بهذا “الشغل”..
2.
كان يوماً قائظاً، شديد الحر، يغري بالسباحة، وكان يسقي الغرس المحيط بالمسبح، وهو يتصبب عرقاً..كانت شهوته أن يتخلص من لباسه، ويلقي بجسمه النحيل إلى الماء.. كانت مجرد شهوة..
ولما حان وقت الغذاء، جاءته الخادمة بنصيبه مما فضل من أكل في الثلاجة، وزجاجة “صودا” باردة ، بدل الماء.. اليوم كانت سخية لأنها كانت خارج مراقبة “الحاجة”..
أكل وشرب ، ثم استلقى على العشب ، وراح ينظر إلى الماء الأزرق ويشتهيه..
فجأة دخلت السيارة الزرقاء من الباب الكبير، ونزلت “صابرين” وحدها.. نظرت إليه، ثم صعدت مسرعة إلى غرفتها..
بعد هنيهة ، نزلت وهي تلبس “المايو” الأزرق، والنظارات الزرقاء، وتحمل في يسراها فوطتها الزرقاء، ثم استلقت على الأريكة الزرقاء قبالته تماما ، وراحت تنظر إليه وتبتسم..
يا له من نهار أزرق ولا في الأحلام..
– “كيف لها أن تفعل كل هذا هي التي لم تكن تلتفت إلي؟ كيف لها أن تنتبه إلى حارس بئيس مثلي هي بنت القاع والباع والشمعة من دراع ؟ ربما كانت تتحين فرصة سفر الجميع لتنفرد بي ؟ حتى الخادمة لم يظهر لها أثر.. ربما تكون قد رخصت لها بزيارة زوجها وأبناءها، في الحي الشعبي، في الطرف الأخر من المدينة ؟ هي لم ترافق العائلة إلى باريس وتخلصت من الخادمة لأنفرد بها ؟ هي تحبني ولم انتبه ؟ ” تسائل مع نفسه ..
-3-
فجأة قطعت عليه حبل التخمين بأن ألقت بجسدها الناعم إلى الحوض الأزرق، وراحت تداعب الماء، وهو ينظر إليها مشدوها..
اعتقد لوهلة بأنه في حلم..
لم يصدق ما يراه. إنها تسبح على ظهرها وتشير إليه بيدها، أن تعالى..
نظر خلفه..
ربما كانت تنادي غيره
لا.لم يكن هناك أحد
لا. لا أحد خلفه
لا أحد غيره..
هي وحدها
وهو وحده
هو لها ، وهي له
لا أحد غيره..
ارتبك ولم يعرف ماذا يفعل.. ازدحمت الأفكار في رأسه .. هي تناديه وهو لا يدري ماذا يفعل.. هل يخلع قميصه وسرواله ويلقي بنفسه إليها ؟ ليس لديه “مايوه”. فهل يخلع قميصه ويبقى بالسروال ؟ التبان الذي يلبسه قديم ومتهرئ..ستسخر منه إن هي رأته بذلك التبان..
هي تناديه ׃ ” علال. علال”، وهو مرتبك لا يدري ماذا يفعل..
– ” المايوه.. ليس لدي مايوه.” صاح.
- – ” اصعد إلى غرفة “نوفل”، تجد المايوه الأزرق في الدولاب . البسه وتعالى” صاحت..
– ” طيب. طيب” صاح ، ثم هرول مسرعا يصعد الدرج إلى غرفة ” نوفل”.
لبس المايوه الأزرق، ثم نزل مسرعا ، يكاد يطير من النشوة والفرح..
خطى مسرعا ، فتعثر وهوى في الماء على بطنه.. أصيب بدوار شديد افقده توازنه، وكاد أن يغرق..
اقتربت منه، وضمته إليها، فلامست يده اليمنى نهدها الناعم، فشعر بنشوة غريبة تسري في جسده، هو الذي لم يلمس نهد امرأة في حياته (سوى نهد أمه عندما كان صبيا)..
سحبته إلى السلم ..
تسلقا السلم..
مشيا متعانقين، ثم وجلسا على الأريكة..
ضمته إليها ..قبلته على شفتيه..ثم نزعت المايوه الأزرق، وبقيت عارية تماما واستلقت على ظهرها ، وقالت له ” هيت لك “، فأخذها وراح يضاجعها..
-4-
فجأة استيقظ من غفوته على صوت “الكلاكسون”، فنهض وأسرع مهرولا ليفتح الباب..
نزلت “صابرين” وعشيقها من السيارة الفخمة الزرقاء وهما يقهقهان، وينفثان الدخان في الهواء..
ألقت إلى “علال” بمفاتيح السيارة لكي يركنها في ” الكراج” ، ثم نزعت ثيابها وبقيت بالمايوه الأزرق..
اتجهت صوب المسبح ، وألقت بنفسها إلى الماء، ونادت على العشيق ” سعد..سعد تعالى”.
نزع سعد ثيابه، وبقي بالمايوه الأزرق، ثم ألقى بنفسه إليها..
بقي. “علال” مشدوها يراقبهما وهما يسبحان، ويقهقهان، ويمارسان تلك “الأشياء” في الماء..
————-
عندما شرع يتوضأ ليؤدي صلاة الظهر، وجد سائلا لزجا في تبانه المتهرئ..
وهو يضاجعها في غفوته، كان المسكين قد احتلم..
كازابلانكا ـ المغرب | موقع قلم رصاص الثقافي