أحمد كرحوت |
عليك أن تعرف عزيزي البشري أنك تشغل حيزاً من المكان على هذه الأرض وتستهلك الأوكسجين والماء من هذا الكوكب وبالتالي أنت تعتبر تهديداً مباشراً للجميع، الجميع لا تشمل العرب أو بلاد الشرق بمن فيها، أنت تشكل تهديداً واضحاً لمستقبل البشرية أيها العاديّ جداً وهنا أيضاً مصطلح البشرية تدور في فلك أوروبا وأمريكا ولا غيرهم …
منذ ثلاثين عاماً فقط كان عدد سكان هذا الكوكب ما يقارب أربع مليارات نسمة أي نصف العدد الحالي من سكان الأرض ما يعطي نتيجة حتميّة لأن يكون عدد سكان الأرض بعد ١٠ سنوات ضعف عدده الحالي هذا في حال لم يكن هناك حروب أو كوارث طبيعية ( والتي بسبب ندرتها في الأعوام الأخيرة تحول تفكير الدول الكبرى الى افتعال سبب مؤكد لتقليص عدد سكان الأرض ).
كتب توماس مالثوس الفيلسوف الأنكليزي والباحث السكاني والإحصائي 1766_18344 ، كتب العديد من النظريات المتخصصة في تعداد سكان الأرض ونسب تزايدهم توافقاً مع نسب ازدياد الموارد الطبيعية على الأرض والتي حاول تبسيطها على شكل هندسي فكان حجم تزايد السكان يشكل نسبة 1_2_4_8_16 أي بشكل مضاعف على أن كل جيل سينتج جيلاً كاملاً وربما بعدد أكبر من ذي قبل ولا يمكن للوفيات الطبيعية أن تغطي أدنى نسبة مئوية أمام عدد الولادات ، في حين تتزايد الموارد الطبيعية باستثناء الماء بنسبة 1_2_3_ 4 … اذا ليس الماء وحده سبباً لأي حرب كما كان منذ مئة عام وما قبل ، صرنا الآن في عصر على حماة الجنس البشري الحفاظ على كل شيء فالإنسان شرع يستنزف الكوكب وما عليه ويحول كل خام فيه إلى مواد مصنعة قابلة للإستهلاك ، هل سألت نفسك يوماً كم تستنزف التكنولوجيا الحديثة التي نستخدمها يومياً من موارد هذا الكوكب ، القصة ليست في ما يدخل معدتك أو يخرج منها فقط أو بكمية الأوكسجين الذي تتنفسه ولا يمكن انكار أنك أيضاً بدأت تشكل خطراً حتى على منسوب الأوكسجين في الهواء!! .
لا يمكن انكار آثار القرن الأخير من عمر البشرية وكم عجّل في انقراضنا نحن البشر ، نحن نتجه للانقراض خلال العشرين سنة الأخيرة بنسب مضاعفة عشرات المرات عما قبلها ، السؤال الجدير بالطرح هنا ” لماذا يقدمون لنا كل هذه المغريات وبعد ذلك يقتلوننا بحرب أو بما يتم تسميته كارثة طبيعية (مصطنعة) نظرا لتمكن الانسان من التأثير على المناخ الخارجي واحداث زلازل مصطنعة داخل رصيف بحري لينتج ما يمسى بالتسونامي على اخلاف حدته وقوته , أو بأمراض تنتشر على شكل أوبئة فيروسية تحتاج سنين طويلة من المتابعة والجهد والتكلفة المادية ليتم نشرها أخيرا بين البسطاء أو ما في ما يمسى دول العالم الثالث ” التسمية التي أزيح مفهومها الذي قامت عليه والتي كانت تعني مجموعة الدول الخارجة عن حرب القطبين أو التي التزمت الحيادية خلال سنوات الحرب, حيث تحولت فيما بعد للحديث عن مستوى معيشة في بعض الأماكن أو بحسب الموقع الجغرافي ، أذكر جيداً كيف كانت الأمراض الوبائية في نهايات القرن الماض تنتشر بشكل كبير بين الصين والهند بشكل خاص بعد ان نفق عدد كبير من سكان القارة الإفريقية بذات الطريقة، ربما نظراً لتضخم تعدادهم السكاني أما بالنسبة لسكان الوطن العربي الذي كان يقطنه ما يقارب 144 مليون نسمة عام 1975 فهذا الرقم لم يكن يشكل أي تهديد في ذلك الوقت وماقبله لذلك استطاعت الكثير من الدول العربية الوصول الى الرخاء الاقتصادي والثقافي والاجتماعي ولكن لمدة قصيرة جداً حيث بدأ بعدها التزايد يشكل تصدعات بيّنة في البنية المجتمعية ما أدى الى تدني الوعي الثقافي والاقتصادي أيضاً والذي أحدث شرخاً فاعلاً بين جيل وآخر حيث وصل تعداد سكان العرب في عام 2000 الى 284 مليون نسمة أي أنه قد تضاعف العدد تماماً بظرف سنوات قليلة، هذا التزايد السريع والكبير أدى إلى تفشي الجهل في غالبية فئات المجتمع والتي تحولت أكبر همومها نحو تحصيل لقمة العيش نتيجة لذلك وبدأت تتحول الضروريات التي كان الناس يعيشون عليها بفعل الوقت الى رفاهيات شبه مستحيلة.
لم يجد المواطن عندها طريقاً ليخرج من كبته النفسي بتأثير جهده الجسدي إلا في السكينة الروحية الخالصة خاصة بعد انتشار الكتب الدينية السلفية والتي ترافق انتشارها مع تظاهرة العمران الأخيرة لبعض الدول النفطية والتي تحولت أيضاً من جحيم الرمال الحارقة الى فردوس مفقود عندها بدأ يشعر المدنيّ الذي كان يسير وفق مسار معتدل في دينه بأنه لا بعرف عن الإيمان شيئاً أو كما أفحمه غالبية رجال الدين الذين وجدوا في تلك الصحراء لقمة عيش لهم كما وجدوا ضالتهم في التخلص من سلطة بدأت تعتبر زائدة عن الحاجة والتي تتمثل في المرأة العاملة حيث تحولت في أكثر المدن تحضراً الى شيء من أشياء المنزل بينما استطاعت المرأة في الريف ان تحافظ على مكانتها كشريك رأي وقرار وعمل بدءاً من عمل الأرض وما ينتج عنها وانتهاءً بسراحة ورعي الماشية .
الجهل الذي تفشى في المجتمعات للأسباب السابقة وعلاوة عليها الكثير من المسببات الأخرى أدى لظهور طرق معيشية أقل جهداً حيث بدأ المد الديني ينتشر بصور مختلفة كلياً عما كان قبل ذلك فانتشرت معاهد الفقه والتفسير بشكل كبير وتضاعف عددها بوقت قصير جداً، وبدأت وزارات الأوقات تعلن سيطرتها الفعلية على أدمغة وطريقة تفكير نسبة كبيرة جداً من الناس الذي رأوا في عملهم الأخير ما يوفر لهم المال والطمأنينة في ذات الوقت وبهذا تم اقناعهم بأن الحياة الدنيا والآخرة لهم وحدهم . ..
غالبية سكان الوطن العربي الآن من فئة الشباب، وتم تلقينهم من الجيل الذي سبقه تعاليم الدين الأخير الذي لا ينتمي للأديان القديمة المعروفة إنما بناء على كتب أصدرها شيوخ وعلماء دين وشريعة وفقه وتم نشر هذه الكتب بشكل واسع جداً حتى بدت في متناول الجميع وبدأ رجال الدين المحدثين بالاستناد عليها ( إجتهاداً وتأويلاً لما تحتويه كتب الأديان السماوية ) ما أشعل النعرات الطائفية التي كانت مغيبة لبعض الوقت حتى تحولت كل طائفة في ما بعد إلى دين مكتمل بذاته ابتداءً من عدد المؤلفات التي لم تترك أي تفصيل يغيب عنها وانتهاءً بالتأثير الإعلامي فكرياً جيوسياسياً وعقائدياً ..
شاعر سوري | موقع قلم رصاص الثقافي