أحمد كرحوت |
هي الرسالة الأولى الأخيرة دائماً، نحتاج برنامجاً تعددياً، لا سلاحاً تعددياً، نحتاج تأصيلاً لكلمة معارضة لتكون موازية لمضمون تميزها، فهي ليست فعلاً قسرياً حين تكون أولى مطالبها قائماً على الحرية بشحذ أصفاد الخوف والتسلق على أحجار الأمس، أن تقول أنا معارض خوفاً أو أنك ضد المعارضة خوفاً من سياط الزمان الآفل، هذا يعني أنك رجعي مكبل بأفكار أشخاص آخرين وفي هذا تهميش لوجودك ككائن عاقل، فإن كان مطلب التحرر مرتبط بطقوس عبادة، أو أي مقدس بعيداً عن قداسة وجودك أنت فلن يكون هناك حرية، الحرية تكون بتحطيم القيود، فكيف يكون الحكم تحت اسم أي سلطة خارجة عنك أنت كإنسان في الدرجة الأولى على إنها حرية؟، أنا أعارض فكرة معينة لأميزها أو أمتاز عليها والتميز عمل فردي غالباً، لا أدعي أن التشاركية غير مطلوبة لكن عليك أن تمنحني أذن صاغية لا أكثر. هل يمكن أن تتخذني سافلاً خائناً لمجرد أن قلت أنك تعمل باستراتيجية خاطئة؟ المعارضة ليست مفهوماً انتهازياً فأن تكون معارضاً يجب أن تكون حداثياً وليس رجعياً إذ أنك أعلنت ثورة على الحاضر مبرراً ذلك بأنه حكم رجعي يعود بالشعب أشواطاً للخلف قائم على كبت الحريات وقمع الآراء.
لنفترض بأن السياسة تقوم على مبدأ الاقصاء الكليّ وهذا ما تقوم عليه فعلاً، ما هو اللون الأبيض لو لم يكن هناك أسود؟. هنا المفارقات جلية وهي ذات المفارقات في اليمين واليسار السياسيين. علينا أولاً إقصاء “فكرة الإقصاء” لا أصحابها. هناك أصوات في المعارضة غالباً ما تحمل طابعاً فردياً وهذا أيضاً ركيزة أساسية لتحقيق أهداف الكلية ولن نقوم على مبدأ الإقصاء، ذكر في التاريخ الكثير من الأفراد الذين تمردوا على الكلية بهدف ترسيخ أفكار فردية لكنها كانت قبل كل شيء أفكاراً مستوحاة من العقل الحداثي،.. لا ننفي وجود الدين في السياسة بالمطلق إذ أنه مرتبط بالقانون ارتباطاً وثيقاً عن طريق التشريع لكن حتى نكون موضوعيين لا احد يتقبل التطرف سواء كان تطرفا دينياً أو حتى علمانياً، حركة احتكار الدين للسياسة كان فكرة غربية قبل أن تكون عربية، لكنهم وبعد طول عناء رأوا بأن الدين يحطم ويدمر المجتمع وخاصة أن قام على مبدأ الطائفة الحاكمة، كيف يمكن أن يحكم الدين الواحد والطائفة الواحدة عشرات الطوائف والأديان في الوطن الواحد إن كان قائماً على فكر متطرف دينياً؟. إن كنتم تفعلون ما تفعلوا فعليكم تسمية الهدف الأساسي فإما أن يكون صراع دين، او صراع وطن، في الحالة الأولى النزاغ لا يحمل مضمونا عقلياً إذ لا يمكن أن يقتل الإنسان إنساناً دفاعاً عن الله الإله الذي أوجد كل شيء، فمن أنت أيها الضعيف جداً كي تدافع عن الخالق؟.
وفي الحالة الثانية فإن أهم أسس الصراع تحت مصلحة الوطن الجمعية يكون بالتشاركية دون تمييز، إلا ما كان ساذجاً قائماً على إراقة الدماء دون هدف إلا التقرب من أشخاص يمثلون الربوبية الأرضية بذات التفكير إنما بطريقة أخرى لدى اللادينيين شديدي التطرف، على الإنسان تحديد هويته قبل كل شيء وليعلن انغماسه بمنهج معتدل معين، وإلا فإنه سيكون صراعاً فارغاً فارع التفاهة ليس إلا. فإما أن تكون معارضاً تحت راية الوطن معتدلاً وفي كنف الوطن الواحد تدافع عن سكانه، أو أن تكون إقصائياً دينياً وهنا فلا وطن لديك إلا السماء بما أنك تدافع عن سكانها ضد أبناء جنسك البشريّ.
شاعر سوري | موقع قلم رصاص الثقافي