رامي الخيّر |
توجه ذلك الخمسيني من عمره من سوق الحرامية إلى شارع الثورة في العاصمة دمشق وهو يصيح: “يا أيها السوريون يا سلالة أقدم حضارة عرفتها البشرية منذ أيام سيدنا آدم, لا تدعوا الغرباء يقتلونكم واقتلوا بعضكم بعضاً..
فالسوريّ أحن على أخيه السوريّ من الغريب”.
كان يقولها بمنتهى السخرية والتهكم على هذا الواقع العبثيّ الذي يعيشه السوريّ ولم يكن جاداً به, لكن ما قاله صحيح بجزء منه فلماذا ندع الغرباء يقتلوننا ؟!
ثم ما لبث أن صرخ نفس الرجل بصوت عظيم: “أحبّوا بعضكم بعضاً.. وكفاكم ما سفكتم من دماء بريئة”.
في انتظار ما لا يأتي.. انقسم السوريون منذ العام 2011 مع اندلاع ما اختلف السوريون أنفسهم على توصيفه, فالبعض ينتظر سقوط الحكومة السورية والبعض الآخر ينتظر سقوط الجماعات المسلحة التي تقاتل الحكومة السوريّة، وفئة ثالثة غير معنية بالأمر ولم تنتبه لما يحدث حولها إنهم “المساطيل” وما أكثرهم في هذه الأيام !!
وفي العام 2017 صحيح أن كل شئ سقط إلا الموت لم يسقط ..
فما زال مستمراً يحصد أرواح السوريين من المحيط إلى الخليج ومن الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.. قذيفة من هنا وصاروخ من هناك وصوت سيارة الإسعاف الذي بات أمراً اعتيادياً في سورية..
وبالرغم من ذلك ما زال السوريون في حالة انتظار عامة لا أحد يعرف نهايتها.. ففي الخارج ينتظر السوريون في المخيمات وعلى أبواب السفارات وفي الداخل ينتظر السوريون أيضاً على أفران الخبز و محطات الوقود…
ولأول مرة منذ العام 2011 توحد السوريون على أمر ما.. لقد توحدوا على الانتظار وإنّي لأشبه انتظارهم بانتظار عدة أشخاص على محطة قطار ليس لها وجود بالأساس وليس في المحطة المفترضة أيّة قضبان يسير عليها القطار الذي لن يأتي أبداً لكن الوهم جعلهم ينتظرون ما لا يأتي… ولكن الآتي أعظم!!
موقع قلم رصاص الثقافي