رامي الخيّر |
صالونات ومنتديات أدبية منتشرة في مختلف المناطق السورية حتى أن البعض من هذه الصالونات أسس إدارة خاصة بمنتداه أو فعاليته، للوهلة الأولى تخدعك الفكرة معتقداً أن في سورية حركة ثقافية نشطة جداً وإن المجتمع السوري ككل و لا سيما عنصر الشباب منه محصن ثقافياً واجتماعيا..
لكن سرعان ما تصطدم بالأسئلة الكبرى على اعتبار أن المواضيع الكبرى غالباً ما تؤدي لطرح أسئلة كبرى توازي أهمية الموضوع، فقبل أن أبحث عن أسباب نشوء هذه المنتديات والصالونات التي يقال عنها أنها ثقافية سألت نفسي سؤالاً أعتبره جوهرياً: إذا كانت الثقافة منتشرة بشكل واسع في سورية فما هذا الذي يحصل كله في بلادنا ؟!
لا شك أن وزارة الثقافة السورية مقصرة بحق العديد من الشباب المبدعين الذين لم يجدوا إلا تلك المنتديات مكاناً ليستقبلهم ويطرحوا فيه إبداعهم الذي يؤمنون به.. لكن هل كل من اعتلى منصة المنتدى أو الصالون “الأدبي” يستحق أن يلقي على مسامع الحضور قصيدة ما؟ أو أن يقوم بغناء أغنية لمطرب كبير كالراحل وديع الصافي ؟!!
وبقليل من البحث عن دوافع نشوء هذه المنتديات والصالونات، كان الدافع الحقيقي من وراء نشوءها هو الكسب المادي، هكذا في بلادي يتحول كل شيء إلى سلعة و بهذه الطريقة نعلن احتضار ما تبقى من إرثنا الثقافي العربي الذي حمل فيما سبق العديد من الطفرات الثقافية المبدعة والتي استطاعت أن تنشر إنتاجها الثقافي في كل أنحاء الوطن العربي وفي العديد من دول العالم…
لكن.. أين المؤسسات المعنية من هذه كله لماذا تسمح لهذه المنتديات بالتعدي على قيمة سامية من قيم أي مجتمع في أي مكان، هذه القيمة التي لو كانت محصنة لاختصرنا على أنفسنا العديد من مشاهد الحرب الدامية التي شهدتها بلادنا..
لكن الأمر لم يقف عند هذا .. بل شهدت البلاد في الآونة الأخيرة العديد من الفعاليات الاجتماعية والإنسانية التي تبين في نهاية المطاف أنها غير دقيقة الأهداف وأذكر هنا فعالية دعت إلى إصلاح وصيانة وتنظيف مكان ما في دمشق وإذ بها بعد الانتهاء من عملها تقوم بتخريب المكان أكثر من صيانته وكان الدافع في كل ذلك الكسب المادي وبطريقة لا تخطر على البال..
وهنا أسأل للمرة الثانية لماذا رخصت المؤسسات المعنية لتلك الفعاليات بالقيام ما ادعت القيام به دون دراسة دقيقة لأغراضها ودوافعها الحقيقية؟
ولدى سؤالنا للسينوغراف “باسمة حسن” عن رأيها بالفعاليات الاجتماعية والخدمية المنتشرة بالآونة الأخيرة في سورية أكدت أنها ليست ضد الترخيص لهكذا فعاليات لكنها نوهت إلى وجوب دراسة آلية عمل تلك الفعاليات وبرامجها التنموية بالإضافة للمراقبة الفعالة على ميزانيتها المالية وطريقة كسب الأموال، كما أكدت على وجوب التنظيم الإداري لتلك الفعاليات لأن العشوائية والفوضى التي تشهدها أحد أهم الأسباب المؤدية لانحراف تلك الفعاليات عن غايتها.. و إن كانت تفضل أن لا يكون لتلك الفعاليات طرق تكسب بها الأموال (من أجل التخديم المجتمعي) بل أن تعتمد في القيام بمهامها على إعادة تدوير الأدوات المطلوبة..
لا شك أننا بحاجة إلى إعادة تنظيم كل شيء وبمختلف الصعد، كي لا نسمح لأحد بالتستر وراء أسمى القيم والأهداف لتحقيق مكاسب ومصالح شخصية ولا سيما أن ما يقوم به العديد من القيمين على الصالونات الأدبية والفعاليات يسيء إلى السوريين وإلى كفاحهم عبر هذه السنوات الطويلة، ولا بد أن يكون للمؤسسات المعنية الكلمة الفصل في فوضى وازدحام هذه المنتديات والفعاليات.
موقع قلم رصاص الثقافي