الرئيسية » ألوان خشبية » التشكيلي نهاد عبد القادر : الفنان السوري كان ولا يزال بوصلة النجاة

التشكيلي نهاد عبد القادر : الفنان السوري كان ولا يزال بوصلة النجاة

نهاد عبد القادر، فنان تشكيلي سوري، مواليد 1978، درس في مركز الفنون التشكيلية في الرقة قسم الغرافيك، وتمكن خلال فترة وجيزة من رسم ملامح فنية خاصة به، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين، شارك في العديد من المعارض الفردية والجماعية في داخل سورية وخارجها، وكان معرضه الفردي الأول في الرقة عام 2002 بعنوان غرافيك، كذلك أقام معرض سرياليات عام 2003، ومعرض إنسانيات في مدينة الطبقة عام 2004، ومعرض وقفة مع الذات في مدينة الحسكة عام 2005، ومعرض وجوه بلون المطر في مصياف عام 2010، ومعرض الفصل الخامس في الرقة عام 2011، ومعرض بعنوان انتماء في الرقة 2013، ومعرض سبات في بيروت غاليري وايت سبيس، ومعرض حقائق فارغة في غاليري زمان بيروت 2016، كذلك لدى عبد القادر العديد من المشاركات الجماعية داخل وخارج سورية.

مجلة قلم رصاص الثقافية التقت الفنان التشكيلي نهاد عبد القادر وكان هذا الحوار:

ـ في كل مرة يفاجئ نهاد عبد القادر جمهوره بأسلوب مختلف عما قدمه سابقاً..  لماذا تتجنب وجود ثيمة ثابتة في أعمالك؟

ارسم كما تشاء المهم أن تقدم منجزاً فنياً، منجزاً إنسانياً وأن تكون أنت كفنان راضياً عن هذا العمل، وتترك أثراً ومساحة من الفكر والجمال عند المشاهد والنقاد  المنتج الفني لا يتوقف عند أسلوب معين ويتقولب ليتحول إلى ماركة كأي سلعة تجارية، أنا ما زلت أبحث في هذا العالم الرحب عن الطمأنينة في ظل هذا الخراب وهذه الثيمة التي تكلمت عنها موجودة في كل تجربة رغم تعدد الأساليب.. هي أن تعرف كيف تتعامل مع تلك المساحة البيضاء لتضفي عليها روحك.

ـ كيف ترى تأثير المخزون البصري للفنان على أعماله الفنية؟

عندما يولد الإنسان في مكان ما ويفتح بصره ليرى النور الذي يكون الملاذ الآمن له، يكون هذا النور كسرب حمام يفتح فطريته البصرية إلى كشف محيطه الجديد، والفنان يرسم بعينه الحاسة الأكثر حساسية بين أقرانها وهنا تبدأ عملية الخلق والإبداع والتحول للأشياء الجامدة في نظر الإنسان العادي معتمداً على هواجسه لإنجاز نتاج فني شكلاً ولوناً، فالمخزون البصري هي تلك العناصر المتناثرة على جنبات الروح، فالصورة تسبق الدلالات الرمزية الأخرى وفي هذه الحالة يحتاج الإنسان المبدع إلى فكر خصب ليستطيع ترجمة هذه المشاهد للأمكنة والأزمنة وفق منظورة الفكري والجمالي.

ـ دائماً تظهر أعمال نهاد عبدالقادر حاملة للهم الإنساني حتى اللوحات مثقلة بالتعب، برأيك إلى أي مدى نجح الفن السوري في التعبير عن هموم المجتمع الإنساني؟

وهل من كائنات أخرى على هذا الكوكب تعبث فساداً غير الإنسان؟ لذلك سيكون هذا الكائن المحور غير المتزن من جميع النواحي في فضاء اللوحة المستباح بياضها، إنها خسارات متتالية ففي كل مرة ومع هذا التطور التكنولوجي المخيف يفقد هذا الكائن جزءاً من هذه السمة الإنسانية، والمتتبع للتجارب السورية سترى أنها لم تبتعد عن هموم وطنها رغم تهميش تلك التجارب وأصحابها من قبل مجتمعاتهم، ولكن الفنان السوري كان ولا يزال بوصلة النجاة في هذا التيه المستدام، وما زال الفنان السوري يرسم الجوع والجثث والأغاني المنسية والمقتولة…

ولكن سرعان ما يغطي هذا الآلام المبعثرة برائحة النور وتراتيل لونية..نعم الفنان السوري ابن مكان وزمان ولا يمكن أن ينفصل عن واقعه وهواجسه وأحاسيسه.

ـ أنت ابن مدينة الرقة ومدينتك عانت من الظلم والقهر والعذاب،  ما الذي يمكن أن يقدمه الفن لجهة توثيق المعاناة والتمهيد لمستقبل أفضل؟

هي الرقة التي احتضنتني، هي تسكن كل تفاصيل حياتي ارهقنا التعب من هول ما نرى ونسمع عن تلك المدينه المنكوبة ولا أدري لماذا وأنا اقرأ سؤالك تذكرت قصيدة. للشاعر العراقي شيركو بيكس

يقول فيها:

محبرة خضراء

رمت بنفسها من فوق رف،  وبعد دفنها

عثروا في علبتها على قصاصة كتب عليها:

لقد قتلت نفسي لأن أحد الأقلام امتلأ بحبري عنوة..

كي يأسر سرباً… من كلمات نيرودا المحلقة.

وهنا أقول: نعم الرقة سيدة النهر وسليلة المدن النقية اتركوها وشأنها…. اتركوها تمارس طقوس الحب والألفة مع أبناءها..دعوها تنثر شعرها المزين بالغرب والخرنوب على ضفاف نهرها الحزين..

وانا كأي إنسان لا يمكنه أن يقف ساكناً أمام هذا الخراب…  خراب حتى الأرواح والتي تعكس بظلالها على أعمالي فثمة إلاه من توتول سينقذ أبنائه ويعبر بهم إلى الضفة الاخرى… إلى بر الأمان.

ـ أين تجد نفسك في ظل هذا الموت والدمار… ما الذي يستطيع تقديمه الفنان في ظل هذه الحرب الدائرة خاصة أنك أحد ضحاياها وأنت مهجر قسراً؟

هذا الدمار ينهش أرواحنا قبل أجسادنا،  نحن الخارجون من الجحيم….  تركنا أرواحنا المنهوبة هناك في ظل هذا الخراب ماذا عساه الفنان أن يفعل سوى أن يرسم تراجيديا التاريخ الأسود وفلسفته الوحشية.

ـ ما الذي يؤثر بنهاد عبدالقادر الفنان والإنسان؟

معاناة الأطفال أكثر شيئ يجعلني في بالغ الحزن هذه المعاناة التي وصلت إلى حد الفاجعة، أنها حقيقة مفزعة إذا لم نتداركها ونتعامل معها بالشكل الصحيح، لقد وصلت هذه المأساة إلى أقبح صورها. فالحرب لاتحمل في احشائها سوى الموت والتشرد للانفس البريئة. وأخص الأطفال آلاف الأطفال لقوا حتفهم وآخرين باتوا معاقين وفي أبسط حالاتهم باتوا يعانون من أمراض نفسية، وكوني عملت مع مجموعة من الأصدقاء في العديد من المدارس والجمعيات التي تهتم بذوي الاحتياجات الخاصة في الرقة. الشريحة الأكثر ضعفاً بين أقرانهم كانت ضريبتهم أكبر تصور ماذا يفعل طفل يعاني من ضمور في العقل  أو طفل مكفوف لا يرى محيطه وآخر أصم.

وإلى ذلك… ماذا يفعلون في ظل هذه الحرب اللعينة  والكثير منهم فقد الجهة الراعية له وقسم منهم فقد أهله حقاً انها مأساة لا توصف نتمنى لهم الخلاص.

 مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

الكاتب السوري عمر الحمود:  المجاملات في الثقافة قاتلٌ صامت

حوار: عبد الرزاق العبيو  | عمر الحمود، أديب من مدينة الرقة السورية، عضو اتحاد الكتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *