الرئيسية » رصاص خشن » « عين الشرق » ابن تيمية روائياً !

« عين الشرق » ابن تيمية روائياً !

علي عبد الله سعيد  |

سيرة ذاتية صحفية لإبراهيم الجبين، لا تنطبق عليها أي مواصفة من مواصفات الرواية رغم أنه يميل لأن يطلق عليها ذلك، ولا تنطبق عليها ما نسميه تجاوزاً أحياناً رواية السيرة الذاتية.

لم يلزم هذه من إمكانات تقنية تنقل الحدث من مصاف الحدث الذاتي السيروي إلى مصاف الحدث الروائي الفني، وهي إمكانات يفتقدها إبراهيم هنا بالمرة. وكأنه يؤكد أن ليس بإمكان الصحفي أن يكتب أكثر من ريبورتاج رديء حتى لو كان عن ذاته.

تنبني السيرة الصحفية على علاقة إبراهيم الجبين الصحفي باليهودي آحاد القادم إلى دمشق لسرقة مخطوطات يهودية. يعتمد في ذلك على إبراهيم الذي ينظر إلى آحاد نظرة نورانية طهرانية حتى ليبدو أنه ملماً بالصلاة اليهودية أكثر من اليهودي نفسه. وأنه معني بأمر المخطوطات وتهريبها إلى خارج دمشق أكثر من اليهودي نفسه أيضاً

في مطلع الحرب السورية السورية وفي قبو دمشقي يتلقى اهتزازات وارتجاجات ناجمة عن قصف النظام الاستبدادي لأحياء في دمشق. ينبري إبراهيم لتقديم تقرير عن الصحفيين والمثقفين السوريين بانتماءاتهم الايديولوجية والطائفية إلى آحاد، وكأنه يقدم تقريراً إلى جهة أمنية تماماً يتضمن السيرة الشخصية للصحفي أو المثقف الذي هو بالنهاية عميل أمني للنظام الطائفي.

تبدأ الحكاية مع أدونيس الذي يجهد إبراهيم نفسه ليثبت بالوثائق الشفهية وغيرها أن الرجل كان عميلاً للمكتب الثاني، أي المخابرات في زمن الخمسينات.

وبالمقياس نفسه يتناول البقية أو العدد الهائل من الصحفيين وصولاً الى الصحفي السوري الذي كتب كتاباً عن عبدالله اوجلان وركع أمام آصف شوكت كي يرسله في بعثة تلفزيونية إلى أوروبا لإعداد تقارير عن المعارضة السورية. تقاريراً أمنية طبعاً يحاول من خلالها استدراج المعارضة إلى دمشق لتصفية الحسابات معها.

في السياق اليهودي الطهراني ينبري إبراهيم الجبين في تبني قضية كوهين والدفاع عنه كخادم أمين لدولة إسرائيل بادعائه أنه يحصل على وثائق مهمة من المحامي هائل اليوسفي.

في السيرة المبنية على أوراق غير روائية ينزع إبراهيم إلى اعتناق فكر ابن تيميه في الفتاوى والتكفير، حتى أنه يعرج على القلعة يومياً قلعة دمشق كي يسارر مولاه ابن تيمية المظلوم.  الذي كان سيصل في فتاويه وتكفيراته إلى محمد النبي حسب اعتقادي الشخصي.

السؤال الذي يراود المخيلة أثناء القراءة وبما أن إبراهيم كان عاملاً مهماً في التلفزيون السوري. معد برامج وأفلام وثائقية. كيف لكل الذين عملوا في ذاك الجهاز أن يكونوا عملاء مخابرات. وهم كذلك فعلاً.. لكن من الذي يقنعني أنا على الأقل أن إبراهيم لم يكن عميلاً للمخابرات بما أنه يعمل في الجهاز نفسه والعمل في الجهاز يستدعي الارتباط بالمخابرات حتى لو كان طالب العمل شيوعياً بكداشياً وإبراهيم ليس بكداشياً؟ بل كان معنياً في دمشق بالتعرف على أكبر عدد ممكن من الكتاب والصحفيين والسياسيين إن أمكن من الألوان كافة.

يذكر إبراهيم في عين الشرق بعض الأسماء كما هي وبعضها يمنحها أسماء استعارية كمجموعة حراس الأرض الأدبية ذات التوجهات الطائفية الملحقة بالأجهزة الأمنية. حسب معرفتي الشخصية بالأسماء والأحداث الواردة في سيرة إبراهيم الذي أعرفه جيداً، الذي يمنح نفسه صفة وطنية طهرانية مع آحاد وكوهين وابن تيمية.

وما تبقى في السيرة هم سفلة وخونة في التقرير المقدم إلى آحاد. والسؤال هو كيف لإبراهيم أن يكون وطنياً أو طهرانياً وهو يسفه الجميع الذين هم من طينته إعلامياً وأمنياً بحكم العمل كصفة للمكان ثم للشخص. وهل يستطيع أن يقول لنا إبراهيم من الذي وظفه في الجهاز الاستخباري.. التلفزيون السوري ولماذا؟؟

روائي وكاتب سوري | خاص مجلة قلم رصاص الثقافية

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

وحشية

١ ثمة ملاك، أو هذا ما نظنه لأنه يرتدي لباساً أبيض، ينشر حوله هالة نورانية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *