الرئيسية » رصاص حي » مشكلة تعبير ..

مشكلة تعبير ..

رامي الخيّر  |

في بعض قراءاتي عن تجارب الشعوب في مختلف أصقاع العالم أجد أن فقهائهم وفلاسفتهم وعلمائهم صقلوا تجاربهم وحاجاتهم والأحداث التي شهدتها بلادهم في نظريات متكاملة تعبر عن تطلعات الشعب، وهذا ما نفتقره في بلادنا السورية وفي مختلف دول الوطن العربي حتى الثريّة منها والمتطورة اقتصادياً.

في سورية مثلاً لم نعد نرضى بحالنا ولا بواقعنا وأصبنا بآفة خطيرة جداً هي “مشكلة التعبير” .. نصدق الشائعات ونبني آراءً حولها مع أنها لم تحدث و ما أن يبدي أحدهم رأياً أو فكرة أو مشروع مختلف عن ( الجو العام ) حتى تبدأ ثقافتنا العدوانية بالظهور عن طريق التجريح و الشتائم وما شابهها..

حتى في كلمة عادية ( كمرحبا ) إذا وضعتها على صفحة معروفة من صفحات التواصل الاجتماعي ستجد تعليقات هائلة عليها من السوريين وممن يناصروهم من مختلف أنحاء العالم حسب مواقفهم وبمواضيع لا دخل لها (بالمرحبا) ..

المثقفون ورجال الفكر في بلادنا السورية والذين كنّا نعوّل عليهم بالمساعدة حول إيجاد صيغة اجتماعية مشتركة لجميع أبناء المجتمع السوري ككل، خذلونا فبعضهم انصرف عن ذلك وحتى لم نعد نجد اسمه أبداً ( ولعلّي أبرر لهم أحياناً في ظل هذا الواقع المرير )، والبعض الآخر انصرف عن القضايا المصيرية والشعبوية ليركز كل همّه على انتقاد و إظهار عيوب شخصيات أخرى بارزة في الوسط السوري لا توافقه الرأي على سبيل المثال و كأقل تقدير ..

وما بين الهرج والمرج، الاشتباكات والدماء، والمواقف وما يقابلها من مواقف مضادة.. ضاع السوريون وضاعت بلادهم معهم.

وبعد أن كان التعبير عن الرأي في حقبة مضت حكراً على فئة من المثقفين كنّا ننظر لهم كأبطال، أصبح اليوم التعبير عن الرأي متوافر للجميع بصورة عامة محضة وليس بالتفاصيل .. وهذا أمر جيد لكنه انقلب إلى نقمة على الواقع السوري لعدم وجود ضوابط أدبية وأخلاقية تحكمه.

فأين المثقفين وأصحاب المعرفة والفلاسفة؟؟ وأين أضحت التجربة السورية التراكمية في ظل هذه الحرب المريرة والقاسية؟

وفي ظل التصنيفات الطبقية لدول العالم هل ما زلنا نحتفظ بموقعنا كدولة من دول العالم الثالث أم أن الرقم تضاعف لأرقام كبيرة جداً !!

إن كتب لنا القدر أن تسمر في هذه الحياة وفي نفس الأرض السورية عشرين سنة مقبلة، فكيف سيكون شكلنا السوريّ وشكل بلادنا السوريّة ؟؟

ومن خضم هذا الواقع الاجتماعي أترك لك يا عزيزي القارئ الإجابة.

كاتب سوري | خاص موقع قلم رصاص 

عن قلم رصاص

قلم رصاص

شاهد أيضاً

هل زعزعت وسائل التواصل مكانة الكتاب المقروء أم عززتها؟

صارت التكنولوجيا الجديدة ووسائل التواصل، تيك توك، يوتيوب، فيس بوك وغيرها مصدرا رئيسيا للمعلومات والأخبار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *