الرئيسية » ممحاة » العصابة الثقافية

العصابة الثقافية

دخل أحد العماليق ( والعماليق كلمة يستخدمها في شعره وتعتبر من أرق المفردات التي يستعملها ) إلى اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في دمشق، وهو يطوي تحت إبطه عدداً من الجرائد، رمى بثقله وهو ليس من وزن الذبابة فوق كرسي الخيزران القديم، حتى خيل  للجميع أن الكرسي المسكين سينطق من هول الوزن الجاثم فوقه، في ذلك الوقت  كنت قد بدأت أتردد حديثاً إلى هناك قبل انقطاع طويل بعدها، نظر إلي أحد الأصدقاء وابتسم!  فسألته من هذا؟ فأجابني وابتسامة ساخرة في زاوية فمه، فاستفسرت أكثر….؟!

 فطلب هذا الصديق منه  كتاباً من كتبه وقلب صفحات هذا الكتاب الى أن وصل في نهاية هذا الكتاب إلى صفحة كتب فيها نبذة عن هذا الكاتب، فإذا بي أمام كاتب شامل ( فنان شامل) فهو يكتب الرواية والقصة القصيرة والشعر الموزون والتفعيلة والنثر والمسرح، بالإضافة إلى أنه يكتب في النقد وله عدد من الدراسات في السياسة وعلم النفس…. الخ وجاء ليثري الحركة الثقافة  في دمشق خصوصاً وفي سورية عموماً على اعتبار أنه كان خارج البلاد لردح من الزمن، طبعاً بعد الاستغراب أخرج  هذا العملاق  مفكرته وبدأ يستعرض برنامج أمسياته في دمشق وريفها وعلى تخوم المحافظات السورية، فإذا به هو وعدد محدد من أسماء  الأعضاء يتكررون بشكل دائم في مفكرته ويُعاد تدويرهم، ويتنقلون يومياً من مركز ثقافي إلى مركز ثقافي آخر، وبحركة لولبية مثل الكابتن ماجد التي يبقى فيها مدة شهر، لكنهم أفضل منه بكثير فهم يبقون بهذه الحركة مدة عام كامل، يتكررون سنوياً بينما هناك من الكتاب والشعراء لا يحلمون بأكثر من أمسية واحدة طيلة السنة  فقط لأنهم ليسوا على علاقة جيدة مع  مسؤولي الاتحاد.

وهناك بعض السيدات والمتابعات يرافقن هؤلاء وكل عضو فيهم يناهز السبعين وكل عضو كما تعلمون بعد السبعين لا يكون نشطاً كما في أول العمر ( بالنسبة لمفردة عضو أتمنى ان تفهموني صح) لكنهن يرافقنه من أجل أن يتفضل عليهن ويقدمهن كوصلة منشطة بين عضوين فاعلين أو عاملين، وبهذه الطريقة يضمن هذا العضو مكانه الدائم في المراكز الثقافية فرؤساء هذه المراكز ليسوا أفضل حالاً عندما تقفز عيونهم من محاجرها لمجرد رؤية سيدة آخر ما يمكن أن تقدمه في هذه المراكز هو الأدب ( أيضاً أتمنى أن تفهموني صح بالنسبة لمفردة الأدب )، ودارت الأيام دورتها ووصلنا إلى بلاد لا تعرف أجواء بلادنا المريضة بأعضائها البيولوجية والثقافية، وما يحدث من تكتلات وعصابات ثقافية في أروقة المكاتب والمراكز الثقافية باستثناءات أقل من قليلة وإن وجدت وُئدت قبل أن تصبح ظاهرة فظاهرة التسطيح والرداءة هي التي يجب أن تكون طافية وطاغية على سطح أي حركة في بلادنا، ولأن هذه العقلية أي عقلية التكتلات تناسلت وأورثت جيناتها لمن وصلوا إلى الشاطئ الآخر من البحر المتوسط  نجدها قد بدأت تزهر هنا بعد أن برعمت في بلادنا وبدأت تستنسخ نفس التجربة المريضة في جميع نواحي الحياة الثقافية والسياسية فهذا التجمع في هذه المدينة حكر على عدد معين من الكتاب، وهذا النشاط السياسي حكر على عدد آخر حتى أن بعض الشعراء والشاعرات  المشهود لهم بإبداعهم في مجالهم أصابهم اليأس فهم لا يجيدون التملق وليس لديهم وجوه بلاستيكية كي يسكبوا ماءها هنا وهناك، (يلعن رب الثقافة شو ما فيه غيرهم بأوروبا من دعوة إلى أمسية ومن بلد إلى بلد ).

 يشكو أحد الشعراء مما آل إليه هذا الاستنساخ الكريه فمن أدعى أنه على النقيض مما يحدث على الساحة الثقافية عندما كان في سورية، جاء هو بنفسه كي ينتجه بنفس الطريقة وبنفس العقلية التصفوية الاقصائية  لمن ليس على علاقة شخصية جيدة معه وسياسية (خلينا نتسبب) هي الطاغية هنا، فهذا الكاتب هو ومن معه على علاقة جيدة بالجمعيات غير الحكومية التي لا تعرف إلا من يجيد التعامل ويستطيع أن يتمسح بأعضائها ( أتوقع ما عاد فيه داعي تفهموني غلط بالنسبة لكلمة الأعضاء )، وهي لا تعرف الجميع ولا تستطيع أن تنزل إحداهن عن المنبر كما حصل في مركز تدمر الثقافي يوماً ما عندما قام الحضور وأنزلوا إحداهن من على منبر هذا المركز لسوء منتجها الأدبي و… وغير الأدبي، حتى لو كانت على صلة بعضو ما أو تمسحت بهذا العضو “هههههههههههههه” فهمتوني صح أكيد؟!

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فؤاد ديب

فؤاد ديب
شاعر وصحفي فلسطيني سوري يعيش في ألمانيا، صدر له في الشعر (الورد لايوقظ الموتى -2006) و (ظل الرصاصة...جسد-2018).

شاهد أيضاً

مع ستيفان زفايج

يبدو لي أن الكاتب النمساوي ستيفان زفايج هو الأكثر اهتماما بمتابعة خيبات الحب، وأثرها في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *