محمد سليمان |
لا أخبركم سراً، إذا قلت لكم إن مواقع التواصل الاجتماعي زادت وعي الشعوب وخاصة العربية وحولتها من متابع يتلقى الأخبار بالتلقين دون “رجع صدى”، إلى متابع واعٍ يستطيع تقييم نوعية الأخبار ويستطيع ضبط الأخطاء الكبيرة منها والصغيرة، وتقديمها في وسائل التواصل الاجتماعي، على شكل “نكات” و”نهفات” يتداولونها ويحرجون بها تلك الوسائل الإعلامية والقائمين عليها، ومع تطور وازدياد نشاط المتابعين وبقاء الإعلام على عقليته القديمة، أصبح المتابع في كثير من الأحيان أكثر وعياً ممن يوجه له الرسالة أو بشكل صريح “أصبح المتابع أكثر وعياً من الإعلام والقائمين عليه”.
ولا أقول لكم شيئاً جديداً إذا أخبرتكم عن صحفي مبتدئ لديه الكثير من الأخطاء الشائعة التي يغلط بها غير المختصين باللغة أو أصحاب المهنة، أو عن ناشط لديه أغلاط لغوية ونحوية أيضاً أقل ما يمكن أن نسميها بالكارثية، ولكن عندما نتحدث عن إعلام رسمي يمر الخبر فيه قبل النشر على عشرات المحررين والمدققين اللغويين يصبح الحديث عن الخطأ غير مغتفر.
وخاصة عندما يصبح الجمهور المستهدف لديك على حد من الوعي يمكنه أن يُلاحظ أبسط الأخطاء والتفاصيل، فتصبح مواقع التواصل الاجتماعي تشكل رقيباً لا يمكن التهرب منه أو تكذيبه فكل شيء موثق “بالصورة والفيديو”.
وهنا الأمر لا يحتاج لكثير من التعب ولا البحث والتدقيق الطويل لرصد أخطاء “ما أنزل الله بها من سلطان” تبدأ ولا تنتهي، فتبدأ بأسماء المناطق ولا تنتهي بأسماء المسؤولين، ولا يتوجب عليك أن تكون صحافياً أو عاملاً في مجال الإعلام حتى ترصد هذه الأخطاء فأي شخص يجلس لمدة ساعة واحدة ليتابع الإعلام السوري يمكنه رصد عشرات الحالات وهنا لا نحصر الكلام بالإعلام الرسمي فقط أي “التلفزيون السوري” بل بجميع المواقع والمجلات فمن نجا من اللغة وقع بفخ الإخراج والتصميم، “والسوشل ميديا لهم بالمرصاد”.
الصحفي فراس الهكار، والذي رصد من قبل فضيحة قناة سما الفضائية مع قضية “زرادشت” وسؤال القناة عن جنسيته التي حصرتها بين (الألمانية ـ الفرنسية)، وصلته من عبر البريد الإلكتروني رسالة بخطأ جديد وقعت به قناة سما الفضائية التي اعتبرت معبر الدبوسية الواقع في مدينة طرطوس السورية في اللاذقية، ولم يمضِ على الوقت ساعة واحدة حتى تهافتت عليه الرسائل من المتابعين التي ترصد أخطاء الإعلام الرسمي والخاص.
الصفحة الرسمية على الفايسبوك للهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون عينت محافظ حمص المشهور لدى جميع السوريين طلال البرازي محافظاً لمدينة حماه، وحتى إذاعة “sham f m” لم تنجُ من الرصد والمتابعة فوقعت بخطأ قلة المراقبة للرسائل النصية (SMS) التي تصلها على الشاشة.
هنا الطرح ليس للحديث عن الأخطاء أو مهاجمة أحد وليس للاصطياد “بالماء العكر” فبعض الصور التي وصلت للهكار هي قديمة ومضى عليها وقت طويل ولكن ما يلفت النظر هو الوعي الجماهيري الذي تنامى لدى المتلقي والذي ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بتشكيله عندما فتحت الباب أمام جميع المتابعين ليصبحوا مراقبيين وناشطين أو مشاركين بالإعلام الاجتماعي الحر، ليصبح لدى أي شخصية عامة وليس فقط الإعلاميين أو القنوات الرسمية “فوبيا الزر” فعليك أن تفكر وتراجع ألف مرة قبل أن تضغط على كلمة نشر، “فالشعب لكم بالمرصاد”.
صحفي سوري | موقع قلم رصاص الثقافي