إبراهيم الزيدي |
تؤلمني الشعارات التي لا رصيد لها، والمواقف التي لا رصيد لها، والأفراح، والأحزان، والعنتريات، لا بل حتى الكلام؛ العابر منه، والمقيم ، سواء كان على صفحة الفيس بوك، أو غيرها .. وقد كثرت خلال هذه السنة التي أردفت مآسيها على كاهل الرقاويين، الأحاديث، أو ( السوالف) عن الرقة ، أقول سوالف، لأنها في الحقيقة كلها مجرد “سوالف” !! فقد تحولت تلك المدينة إلى بيت عزاء في مواقع التواصل الاجتماعي، يتواجد فيه (النازحون واللاجئون) من أبنائها ( في الداخل والخارج) يتحدثون عن مآثرها حيناً، وأحياناً عما يحدث فيها، أما ما فاتنا أن نفعله، وما يجب فعله، فهذا يدخل في إطار الفعل، أو التحضير له، ونحن لسنا بصدده، ليس لأنه غير ضروري، بل لأننا طوال عقود ونحن ننتظر من يصنع لنا غدنا!! ثمة خبر هنا .. وآخر هناك .. عن ثلة من الانتهازيين يحاولون تسلق مأساتها، ولا يلبث أن يدب بينهم الخلاف على تقاسم الكعكة وهي ما زالت في الفرن !! فتبوء محاولاتهم بالفشل، ويفضحون بعضهم على مواقع التواصل.
الرقة ليست أولاً، ونحن أيضاً. ولو أننا كنّا أولاً، لكانت الرقة أيضاً أولاً، فالبيوت بأهلها كما يقولون، وكذلك المدن.
لم نسأل أنفسنا ماذا فعلنا للرقة، ولم نهرب إلى الأمام، ونسأل أنفسنا ماذا يجب أن نفعل للرقة ؟ وها قد توزعنا على كل قارات كوكب الأرض، وما زلنا نتعامل مع بعضنا بنفس العقلية التي كانت سائدة قبل عام 2011 !! ما زلنا (إذا اختلفنا نختلف مع بعضنا، وإذا اتفقنا نتفق على بعضنا ) فقبل ذلك التاريخ كنّا كما يقول أنس العباس (منذ البداية، اعتَبرَ الإنسان كلَّ فوضى لا يقدر على تغييرها، نظاماً )، ونحن لم نحاول أبدا أن نغير أنظمة الفوضى التي اجتاحت حياتنا قبل عام 2011، لا بل – مع الأسف – ساهمنا في ترسيخها، وما زالت ثقافة تلك الفوضى تتحكم بعقليتنا، وتعاملنا مع بعضنا البعض، ومع الآخرين إلى الآن !!
بكل الأحوال، البكاء والتباكي لا يصنع أوطاناً، ولا يعيدها إذا اغتصبت، والمجاملات لا تصنع علاقات اجتماعية صحية، والمنشورات، والمقالات، واللايكات، والتعليقات، هي حالة إعلامية، وضرورية، وهي بالتأكيد ليست جعجعة، ولكن طحينها وحده لا يصنع خبزاً .
الرقة موجودة، كانت، وما زالت، وستبقى، أتمنى أن يوازي هذا الإعلام الذي يقوم به أبناؤها، حركة عملية، تأخذ باعتبارها، أن الرقة هي رقة أهلها أولاً، وعليهم تقع مسؤولية مستقبلها.
شاعر وكاتب سوري | مجلة قلم رصاص الثقافية