يقول الأديب والكاتب المصري الراحل عباس محمود العقاد: “القراءة وحدها هي التي تُعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة؛ لأنها تزيد هذه الحياة عمقًا، وإن كانت لا تطيلها بمقدار الحساب.”
إذاً لا يختلف اثنان على أهمية القراءة، وفي ظل الجنون الذي يشهده العالم صارت القراءة ضرورة وحاجة مُلحة للإنسان، فهي أهم السبل اليوم لمواكبة ومعرفة ما يجري من حولنا في هذا العالم.
وهذا ما يؤكده الكاتب الفرنسي دانيال بناك بقوله: “المفارقة التي تتميز بها القراءة تكمن بمقدرتها على إبعادنا عن العالم حتى نتمكن من فهم معنى ما يدور من حولنا.”
رغم أهمية القراءة الكبيرة إلا أنها ليست من أولويات المجتمع وليست من جوانب ثقافته رغم أنها أهمها على الإطلاق، هجر الجميع القراءة باستثناءات قليلة لا تُشكل قاعدة واسعة في مجتمعاتنا، في مقابل ذلك ازداد الإقبال على الكتابة، وتفشت هذه الظاهرة بشكل واسع بعد انتشار شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة أنها تعتمد أساساً على الكتابة على اختلاف مستوياتها وجمالياها ورداءتها.
إن النصوص الرديئة كالطاعون، وقد انتشرت بشكل كبير، وأصابت الثقافة في مقتل، دون أن تجد من يقف في وجهها، وتحولت في وقت قصير إلى ظاهرة عشوائية فتكت بكل مفاصل الأدب والصحافة وحتى النقد، ولعل اعتلال النقد من الأسباب الرئيسة التي ساهمت في تفشي هذه الظواهر، حيث صار أغلب النقاد يكرسون أسماءً وفق علاقاتهم الشخصية أو الافتراضية.
كذلك ساعد احتكار المؤسسات الرسمية لقطاعات الثقافة والأدب والصحافة وفق حسابات خاصة بتلك المؤسسات التي تُعمل مقص الرقيب في أي عمل مُقدم لها، على تمرد الناشئة التي صارت تبحث عن أماكن أخرى تكرس من خلالها وجودها وقد وجدت ضالتها في وسائل التواصل وجمهور المطبلين لها.
الكل يتحدثون عن الكتابة اليوم، قلة هم أولئك الذين تُشكل القراءة هاجساً لهم، ما فائدة القراءة إن لم يكن الكاتب في الأصل قارئاً؟
“أن تكتب يعني بالضرورة أن تكون قارئاً”، هذه هي القاعدة الأساس للكتابة، ولا يمكن لأي كاتب مهما كان مبدعاً أن يُبدع دون أن تكون القراءة هاجسه وهمه الأول، فلماذا لا يكون لدينا اتحادً للقراء؟
وتفادياً لعدوى طاعون الكتابة صرت أفكر جدياً بتغيير هوايتي من كاتب إلى قارئ، فهذه الأمة من أحوج الأمم إلى قرّاء، وليست تحتاج الكُتّاب فقد أتخمت بهم حتى صرنا نتعثر بهم في كل مكان!
بل وأدعو اتحاد الكتاب للتفكير جدياً بإضافة جمعية يكون اسمها جمعية القراء إلى جمعياته، ولو كنت صاحب قرار لأسست اتحاد قراء.
مجلة قلم رصاص الثقافية