إن من روجوا لفكرة المواطن الصحفي، عرفوا من أين تؤكل الكتف، أو من أين تُنخر المجتمعات العربية، وما أفرزته لاحقاً هذه الظاهرة أثبت بما لا يقبل الشك أن مجتمعات الشرق عموماً لــيست سوى مجتمعات قطيعية تسود فيها الغيرة والحسد وتمتاز بهالة من الطاقة السلبية تحيط بها، وما لبثت أن انتشرت في وسائل التواصل الاجتماعي وأثرت بأفراد مجتمعاتنا سلباً.
عجلت ظاهرة المواطن الصحفي بتدمير البلدان، وتحطيم القيم نتيجة فهم الناس الخاطئ لهذا المفهوم والفكرة التي يقوم عليها،
إن كنا نؤمن بمقولة “ليس كل ما يُعرف يُقال”، فقد زعزع رواج ظاهرة المواطن الصحفي هذا الإيمان، ببساطة أكثر ما قدمه المنخرطون في هذا المجال افتقر بمجمله إلى المهنية الإعلامية وأدى إلى نتائج سلبية كانت في أغلب الأحيان كارثية وساهمت في إزهاق الكثير من الأرواح.
يتجه كثير من مواطنينا عبر منصاتهم الفيسبوكية نحو الكتابة، تحت مسمى “المواطن الأديب”، لم تظهر التسمية رسمياً بعد إلا أني أجدها كذلك حسب ما يقدم ناشرون أنفسهم بها، أو حسب ما يراهم جمهورهم الافتراضي الذي “يُمسح جوخ” للناشرين لدرجة إقناعهم أحياناً أنهم قد صاروا كُتّاباً لا يُشق لهم غبار، وإن كانت هذه الظاهرة في مرحلة التجارب الخجولة حالياً، إلا أنه لابد من الإشارة والتنويه إليها كي لا نجد أنفسنا بعد أشهر أمام سيل من المواطنين الكُتّاب.
نعي جيداً أن الكتابة ليست حكراً على أحد، لكن لا يجوز أيضاً استسهالها وإهانتها بهذا الشكل الذي نراه، إن تعويم بعض الشخصيات المتواضعة معرفياً وثقافياً وأدبياً على حساب قامات كبيرة في مختلف مجالات الإبداع هو أكثر ما يحز في النفس.
فالكتابة في نهاية المطاف حالة إبداعية ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن تُهان بهذه الطريقة التي نراها اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الإلكترونية التي لا تتبع أبسط أبجديات العمل الأدبي والإعلامي وأصول النشر.
يتحمل الجمهور الجزء الأكبر من المسؤولية، فمن يباركون للناشر الافتراضي وكأنه ربح سباقاً تنحصر غايتهم بين المجاملات العابرة ومحاولات “التطبيق” خاصة فيما يخص العنصر النسوي، مما يُبشر بقدوم مجزرة أو كارثة أدبية.
مجلة قلم رصاص الثقافية