الرئيسية » ممحاة » جوائز “كم” وأخرى نص “كم” !

جوائز “كم” وأخرى نص “كم” !

الإعلان عن أي مسابقة في أي مكان أو زمان لابد له من توطئة ومقدمات كي يصل هذا الإعلان إلى مبتغاه وإلى جمهوره المهتم بنوع المسابقة، فكيف إذا كانت هذه المسابقة مسابقة أدبية وسوف يلي الإعلان عن هذه المسابقة اشتراك وكتب ومخطوطات ولجان مختصة.. إلخ،  وفيما بعد سوف يتم الإعلان عن فائز أو فائزين وفائزات وهنا مربط (الكديش) على اعتبار أننا سنظلم الفرس إن قمنا بربطه مكان هؤلاء الذين يقومون بتسفيه أي مشروع ناجح عن سابق تصميم وتخطيط من أنظمة ومؤسسات كل همها أن تنشئ جيلاً  قطيعياً جاهلاً كي يسهل انقياده إلى ما يريدون، ناهيك عن لجان هذه المسابقات (المستزبرين أو المستلسنين على اعتبار أن لسانه هو الوحيد القادر على العمل) الذين يقرؤون ويقيمون أي عمل أدبي بأعضائهم التناسلية، وهؤلاء يتناسلون بالانشطار والانقسام والضحية في كل الأحوال هو الجيل الذي سينشأ، وأعلامه هم هؤلاء حتى يأتي يوم ما ويكون شاعر “الأؤوو” ولا أعرف كيف أكتبها هو مقياس الشعر والشعراء.

لم يكفهم ما فعلوه بالموسيقى وتشويه الذائقة السمعية وقبلها البصرية بل يدأبون وبجهد منقطع “التنظير” على تشويه الذائقة الأدبية، وطبعاً كل هذا ترعاه أنظمة قمعية وبشكل مدروس وممنهج تماماً كما فعلوا بمدارسنا وطلابنا طيلة عقود مرت، كل هذا جرى وما زال يجري تحت نظر وسمع كبار الأدباء والمثقفين، وهم إما لا حول لهم ولا قوة أو أنهم دخلوا حظيرة التدجين السلطوي، وإما كانوا جزءاً لا يتجزأ من هذه اللجان، وهنا الكارثة الحقيقية فالمثقف هو أكثر من يستطيع تبرير فساده وهو بهذه الطريقة يساهم بنشر وانتشار هذا الأدب بين الجمهور، هذا عن الجوائز الأدبية العربية وما يرافقها من استفهام أما من الطرف الآخر. وإذا انتقلنا إلى الجوائز العالمية وما يرافقها فنجد أن المشككين بنتائجها هم نحن العرب، وأكبر مثال على ذلك هي جائزة نوبل وما يرافقها كل سنة من أقاويل وترشيحات أدونيسية ومواقف سياسية غريبة قد لا تعني للجنتها أي شيء، وإذا عنت من ناحية ما فهي تعني المتنازل عن حقه ومبادئه من أجل جائزة قد يحوزها لكنه في النهاية يخسر نفسه وجمهوره وأكبر دليل على ذلك جائزة نوبل للسلام التي منحت لياسر عرفات ورابين وبيريز وما أوصلتنا إليه هذه التنازلات من فقدان لكل شيء حتى ملابسنا الداخلية، وإذا أراد أن يكون المرء موضوعياً فهناك جوائز نستطيع أن نتلمس خلالها الجهد المبذول من أجل أن تبقى على سوية تفيد الكاتب والقارئ على حد سواء، دون ذكر لأسماء هذه الجوائز حتى لا نتهم أننا نسوق لها، ولكنها على قلتها شكلت وما زالت تشكل بارقة أمل في هذه المساحة التي تدفع بِنَا إلى اليأس من كل شيء حتى كدنا نكفر، أو مرت أوقات كفرنا بها بكل ما هو “مجوأز” و”مسوبق” وخصوصا إذا كن جل المتسابقات هُن من الأديبات ذوات القد الممشوق وكانت لجنة التقييم والتحكيم هي من عجائز الأدباء الذين يمرون بأزمة خريف العمر، وكل ما يستطيعون فعله هو كيل المديح لهؤلاء الأديبات بلسان يرشح عسلاً إذ لا يوجد من أدوات إبداعه غير لسانه يفعل به ما يعجز (قلمه) عن فعله إذا أراد الكتابة في غرفة التحكيم، وعندما يخرج من هذه الغرفة إذا سأله أحدهم عن النتيجة قال له وهو السبعيني:

(الذي معه لسان لا يتوه ولا يعجز)

هههههههههههههههههههه.

مجلة قلم رصاص الثقافية 

عن فؤاد ديب

فؤاد ديب
شاعر وصحفي فلسطيني سوري يعيش في ألمانيا، صدر له في الشعر (الورد لايوقظ الموتى -2006) و (ظل الرصاصة...جسد-2018).

شاهد أيضاً

مع ستيفان زفايج

يبدو لي أن الكاتب النمساوي ستيفان زفايج هو الأكثر اهتماما بمتابعة خيبات الحب، وأثرها في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *