حظيت محافظة الرقة بجناح خاص في مهرجان ربيع حماة، هذا الجناح الذي كان من المفترض أن يقدم صورة حضارية عن مدينة الرقة وثقافتها وبعض عاداتها وتقاليدها وضيافتها، خلى من أي شيء باستثناء عدة صور عُلقت بشرائط حمراء تدلت من قوائم الخيمة، وطاولة مركونة في إحدى الزوايا لم تجد من ينفض الغبار عنها ويجلس إليها ليستقبل زوار المكان.
تقول إحدى نساء الرقة: زرت مهرجان الربيع في حماة من أجل رؤية جناح الرقة، لكني لم أجد شيئاً سوى صور معلقة وطاولة مركونة، وليس هناك من يستقبل الزوار ويشرح لهم عن المدينة وعن هذه الصور. وكم أحزنني ذلك، هل هذه هي ثقافة الرقة؟
ويؤكد كلامها أحد أعضاء مجلس الشعب عن الرقة، فقد زار المكان ولم يجد أحداً. واكتفى بذلك التعليق الذي دونه في الفيسبوك دون أن يكتب شيئاً حول الموضوع أو يتصل بمدير الثقافة أو رئيس المكتب التنفيذي أو عضو المكتب التنفيذي المختص ويسأله عن هذا الإهمال.
يتساءل الجميع، أين مديرية ثقافة الرقة، أين المنظمات الشعبية والنقابات المهنية، أليس فيها أي موظفين يقفون في الجناح الخاص بمدينتهم؟ كلهم في حماة لا شيء يشغلهم سوى النميمة ونقش التقارير ومراقبة صفحات الرقيين عبر الفيسبوك.
فيما مضى كان جناح الرقة في أي فعالية مهما كبرت أو صغرت ينبض بالحياة، رجل بالزي الشعبي يحمل دلّة القهوة العربية وفنجانين ويستقبل الزوار عند المدخل، ويقدم لهم القهوة وتقدم فتاة أخرى حبات التمر. وفنان شعبي يؤدي الأغاني التراثية وشباب يؤدون الدبكات والرقصات التراثية الرقية، كان هذا قبل سنوات خلت حين كانت الرقة قبلة للمثقفين السوريين والعرب.
أما اليوم فلم يعد هناك أي شيء من هذا، ولم يعد هناك رقة أساساً، فالطيران الأمريكي أحال المدينة ركاماً وشرد أهلها، وقتل من قتل منهم، وجُرح من جرح، وعُطب من عُطب، أما أولئك الذين صاروا في مواقع المسؤولية باسم المدينة المنكوبة، التي لم يعد يراها العالم أجمع وضمناً السوريين سوى منبع للإرهاب وبؤرة للمتطرفين، وبدلاً من أن تُكرس مديرية ثقافة الرقة وبقية المؤسسات التي لا عمل لها في مدينة حماة سوى صرف الأموال والإقامة في الفنادق، جهودها لإظهار الصورة الحقيقية للمدينة وثقافتها وتراثها وأهلها، علقت الصور وتركت الخيمة مشرعة للريح والعابرين الذين لم يجدوا من يحكي لهم حكاية المدينة ويشرح صورها قبل وبعد الدمار الذي تعرضت له.
هي حالة طبيعية عندما يتم اختيار مدير ثقافة لمدينة هو ليس من أهلها، ولا يعرف ثقافتها، ولا يهمه فلتظهر كيفما تظهر، ربما يكون بوسعهم اختيار مدير للأعلاف أو المباقر أو المداجن من محافظة أخرى لكن الثقافة بالذات تحتاج إلى مدير يتحدر من البيئة ذاتها وليس من خارجها ليعرف كيف يقدمها ويمثلها وتكون لديه الغيرة الحقيقية عليها.. لكن من يبالي بالرقة وأهلها وثقافتها؟
خاص موقع قلم رصاص الثقافي