رؤى حمدان |
في موقف حافلة مزدحم، اتكأت على زاوية وأغمضت عيني لثوان، تخدرت يدي اليسرى من شدة ما حملت وسقطت من يدي أكياس خضروات كانت أثقل من وزن طفلتي “ورد” ذات السبعة أشهر ونصف، التي أحملها على يميني، فركضت تلك العجوز باتجاهي قائلة:”الله يجيرك ويحمل معك يا بنتي”، جحدت عيناي دموعي عندما رأت تجاعيد وجه أمي الذي اشتقته في وجه تلك السيدة التي قالت: “يا بنتي والله حرام هالصغيرة فلقة قمر تشنتطيها بهالسوق والشوب خليها عند أبوها، ستها، أي حدا وجيبي أغراض بيتك” هنا كادت دموعي تحرق وجنتي عندما أخبرتها أن زوجي مسافر في البحر وأني لا أعرف عنه شيئاً منذ ١١ يوماً و٣ساعات، عندما غادر ميناء البرازيل متجهاً إلى إسبانيا وآخر ما قاله كان: “ديري بالك ع أميرتي وردة عمر البابا”، تمالكت نفسي واستجمعت قواي وقلت: “يا خالة حاطتها بحضانة، خليها تتعود عالحياة وصعوبتها، بلكي الله بعتلها مدير أصعب من مديري وكانت أفهم منه ومضطرة تتحمل أوامره لأن ظرفه سمحله يستلم إدارة وكانت ضعيفة وماقدرت تشيل أكياس الخضرة!!”
فابتسمت ابتسامة أمي تلك وربتت على كتفي وخد ابنتي ثم قالت: “يا بنتي لو دامت لغيره ما وصلتله .. والله مع الصابر.. الله يخليلك بنتك وصاحب بيتك”.. وأدارت ظهرها وغابت بين الزحام ..
فتحت عيني على صوت صديقتي: “إجا الباص يلا بسرعة اطلعي بلا ما تتأخري عالأفندي وتتخانقوا ويسافر وتقعدي كل فترة سفره تشكيلي وتبكيلي” فارتسمت على وجهي ابتسامة كسولة وقلت لها: “دعينا نستقل سيارة أجرة، وعلى حسابي، أريد أن أصل إليه قبل أن تذبل وردة عمري.
إعلامية سورية | خاص مجلة قلم رصاص الثقافية