الرئيسية » مبراة » لسنا نملك ثقافة القراءة!

لسنا نملك ثقافة القراءة!

ربع صفحة في السنة، هذا معدل قراءة المواطن العربي، ونتائج هذه الدراسات والإحصائيات قديمة، ورغم مرور عقد من الزمن، إلا أن شيئاً لم يتغير، فنادراً ما أحرزت الدول العربية مراكزاً متقدمة في المجالات العلمية أو الثقافية، وليس جلداً للذات إن قلنا ذلك فهي بالنهاية حقائق نعايشها ونراها، ولا يمكن أن نُبقي رؤوسنا مدفونة في التراب، ونرمي كل مصائبنا على الإمبريالية العالمية التي تستهدفنا.

وكي نكون منصفين علينا أن نعترف بأن الدول العربية لطالما أحرزت مراكزاً متقدمة في معدلات الأمية والفساد والبطالة التي تطغى على مجتمعاتنا وتنعكس على المواطنين، وربما يعتبرها البعض من أهم أسباب عزوف هذه المجتمعات عن القراءة، فهنالك ما هو أهم من القراءة بالنسبة لأفرادها.

وإن يكن ذاك، فليس بوسعنا الإنكار أن القراءة هي بالدرجة الأولى ثقافة، ينشأ عليها الجيل، فهي فعل مُكتسب، يحصل عليه الفرد من محيطه، بدءاً من البيت والمدرسة لاحقاً ــ وهي مرحلة هامة في تنشئة الجيل على القراءة ــ ويكبر معه لينقله إلى أترابه وأفراد أسرته حين يصير رب أسرة. وهكذا نجد أننا في حلقة متكاملة ووجود خلل في أي جزء من أجزاء هذه الحلقة سيمنع اكتمالها، فنصل إلى النتيجة التي وصلنا إليها.

يقول الشاعر قاسم حداد: “القراءة زيت قنديلك، أيها القابع في عتمة الثقة”. لذا نجد أن أغلب قناديلنا مطفأة، لا زيت فيها، ومن يحاولون إضاءة قناديلهم باتوا يفعلون ذلك من خلال هجومهم على الكتابة وهوسهم بها، وليس بإقبالهم على القراءة كدافع أولي وعامل مُحفز للكتابة، التي تحتاج إلى مخزون معرفي بالدرجة الأولى. 

 كتبت مقالاً  ذات يوم، والحقيقة هو عنوان فقط، تركت متنه خالياً، وقد حظي بإعجاب كثيرين حين نشرت رابطه في صفحتي الافتراضية، وتجاوز عدد من وضعوا “لايكاتهم” عليه العشرات، ومن بين أولئك العشرات ثلاثة فقط هم من أرسلوا لي منوهين إلى أنهم حين ضغطوا على الرابط لم يجدوا المقال إنما صفحة خالية، ربما هم فقط من اهتموا بقراءة المقال ولم يجدوه، أما البقية فاندرجت “لايكاتهم” في إطار المجاملة الافتراضية، وضعوا إعجابهم على كلام لم يقرؤوه، وهذا ليس غريباً في مجتمعات تقوم بشكل أساسي على المجاملات، وليت مجتمعاتنا تجامل بالقراءة، وليس بـ”اللايكات” لعل ذلك يتحول لاحقاً إلى عادة ويتكرس كثقافة مجتمعية.

يشبه ذلك إلى حد ما موافقتنا على شروط الخصوصية عند إنشاء بريد إلكتروني، أو تنصيب برنامج على الحاسوب، يستحيل أن يكمل أحدنا قراءة الشروط ومع ذلك نوافق عليها!! ماذا لو كان بينها شرطاً ينص على إلزامنا بدفع مبلغ اشتراك أو غيره؟! لا أحد يهتم بذلك، الكل في عجلة ولا وقت لديهم للقراءة، ومع ذلك الكل يريدون أن يصبحوا كُتاباً.

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *