شهد محمد قيس |
لطالما كان المسرح العراقي حاضراً في دمشق، سواء أكان بالعروض الكوميدية الترفيهية أو العروض الجادة، والتي لم تكن تقدم فقط للجالية العراقية في دمشق، بل كان حاضراً في المهرجانات المسرحية بشكل دائم تقريباً، واسم المخرج المسرحي العراقي جواد الأسدي يتردد في سوريا كأي مخرج سوري. وخلال سنوات الحرب في سوريا لم تشهد دمشق حضوراً مسرحياً عراقياً، حتى يعود أخيراً للظهور بشكل خجول ومخيب للآمال.
مسرحية “في انتظار فلاديمير” للمخرج العراقي الشاب حيدر سلمان، وكتابة مثال غازي، هي اقتباس عن مسرحية بيكيت “في انتظار غودو” . تمثيل الممثلين السوريين تاج الدين ضيف الله، وسليمان قطان، مع الطفلة سنينة غونوجوقة، على خشبة المسرح المغلق في مجمع دمر الثقافي في دمشق.
تبدأ المسرحية بمشهد لطفلة جالسة إلى طاولة تقلب الكتب ثم تفتح أخيراً جهاز اللابتوب لتشاهد شيئاً ما، وهنا تظهر شخصيتي بيكيت واستراغون، حيث يجبر استراغون بيكيت على البقاء لانتظار فلاديمير ونشاهد الشخصيات ذاتها تعرض على شاشة في خلفية الخشبة للإشارة إلى ما تشاهده الطفلة.
حاولت المسرحية تقديم العبث المعاصر، وما يشاهده الأطفال ربما، وأضاف إلى ذلك الأبعاد السياسية حيث تتردد كلمات مثل: “مخابرات، ارهابي” تتهدد بها الشخصيتين بعضهما ما يؤدي بهما إلى الخوف والعجز عن فعل شيء، بالإضافة إلى حمل السلاح من قبل شخصية “بيكيت” والذي يشكل التهديد الذي تعيشه الشعوب العربية.
استمرت المسرحية لنصف ساعة فقط، فلم يشعر المتلقي على الإطلاق بالزمن الذي تعيشه الشخصيات. استعمل المخرج (لحية) تضعها شخصية “بيكيت” للدلالة على مرور الزمن، إلا أن الإيقاع لم يكن متوافقاً مع هذه الدلالة الزمنية. والانتظار الوحيد الذي عاشه الجمهور هو انتظار بقية المسرحية التي بدت وكأنها انتهت فجأة، فتفاجأ الجمهور بتحية الممثلين التي أعلنت نهاية العرض.
أما الأداء، فكان مصطنعاً مثقلاً بالمبالغة التي عفا عليها الزمن، فلم يبد على الممثلين أي تبنٍ لخطاب الشخصيات، الخطاب الذي كان ثقيلاً كذلك على عرضٍ كهذا، فالمونولوغ الذي يلقيه استراغون بدا خارجاً عن سياق الأداء ورومانسياً مشحوناً بعاطفة لم تلق بالدور المؤدى ولا بالجو العام للمسرحية، بالإضافة إلى سذاجة المحاولات الكوميدية من قبل الممثلين والتي كانت مصطنعة أيضاً بشكلٍ كبير.
لم تحظ المسرحية بالجمهور المعتاد للمسرح، وتكمن المشكلة هنا في الإعلان الذي تقوم به دار أوبرا دمشق – والتي يتبع لها مجمع دمر الثقافي – إذ تكتفي بالإعلان على صفحة الفيسبوك ووضع بوستر في المعهد العالي للفنون المسرحية. وفي حالة مخرج غير معروف في سوريا، يكون الحضور القليل جداً نتيجة طبيعية للتقصير الإعلاني من قبل القائمين على المسارح. فهل تكون هذه المسرحية خيبة أمل لكل من طرفيها – سواءً المخرج الذي تفاجأ بالحضور القليل أو الجمهور الذي لم يجد شيئاً يثير اهتمامه- تعيق عودة المسرح العراقي لدمشق؟ أو أنها خطوة، وإن كانت متعثرة ستؤدي إلى عودة النشاط المسرحي العربي إلى دمشق؟ هذا أمر يجب أن تهتم به مديرية المسارح والموسيقا، بإعلانات لائقة، وبتشجيع قدوم التجارب المسرحية العربية.
مجلة قلم رصاص الثقافية