الرئيسية » إبــداع » مقامة كَمُلَ النَّقلُ بالزَّعرور

مقامة كَمُلَ النَّقلُ بالزَّعرور

أوقفني مَن نصّبَ نفسه على ظل الدُّري النّاطور

يلبسُ في رأسه قبّة تسع عشرين عشّ شحرور

وتحت خصر شدّ ما يشبه في لبس مطربة التايور

وقال : إنك لي مأسور

إلا إذا فسّرتَ لي قول ذلك الشّعرور:

تدليتُ من عروة قميصي  إلى السَّقف الذي بي محصور

وشرحتَ لي كَمُل النّقلُ بالزَّعرور

رحتُ أغنّي له وليس  لي  بالشِّعر  ذنبٌ مغفور:

كَمُلَ النَّقلُ بالزَّعرور

يا صاحبي كَمُلَ النَّقلُ بالزَّعرور

كم ستعضُّ أصابعك ندماً لأنك اقتديت بالهجرة الطُّيور

و الله وبالله وتالله يا صاحبي بعدَك طلعَ من قبره الخليفة المنصور

وصار يشرب معنا متَّةً  ويرندح الشعر طرباً :

أحفادي ركبوا ناقة الزّمن  وكسروا عينَ العصور

حتى الشّحاذ عندنا صار  لا يشرب إلا لبن العصفور

و صار يدوس على شاربي هرقل  مَن كان فينا طَّرطور.

كَمُلَ النَّقلُ بالزَّعرور

يا صاحبي كَمُلَ النَّقلُ بالزَّعرور

من أين أبدأ برندحة مآثرنا  وصار يردّدها الببغاءُ قبل الشَّحرور

هل عن دجاجة أمّ شحادة  شكَّاكة الخرَز سابقاً

ولاحقاً ضُرَّةَ الثّعالب بعد أنْ طلع لها العرْف

وصارت تُقاقي كُريجات الحمام  و يخاف لسعها الدَّبور

لذلك علَّقنا برقبة الدَّجاجة خرزة زرقاء،ولبَّسناها جينزاً، حتى الدَّجاج عندنا سبُور

هل أخبرك عن حبشة خالتي أمّ بكور

باضتْ بيضتين برشتْ بصفارين،وأمّ بكور تمارس التّمارين السّويدية بالبكيني

وصارت تُسمسر للوفر ريش حبشتها التي لم تعد تأكل البذور

باتت تقتصر على أكْل حسن بنان كل يدٍ  أطعمتها حبّ المنثور

وصارت تنشر الآيس كريم على حبل الغسيل، وتُدرِّج إلى رموشها العصفور

حرام يا صاحبي  ألّا أحدِّثك بنعمة زعرورة وزعرور

وعن الحاج العارف بأنفال تعفيش الضَّمير

كلّ يوم بعد صلاة العشاء  يضع خُرْجَه على كتفه

ويوزِّع على يتامى الشّياطين خبز حسناته

و لا يطلع الفجر إلا و كلّ عَرْض مستور

على أيدي أبناء السّبيل منشور

ثمَّ يصلّي الفجر في الصّف الأول و بتسبيحتين يدشّن الذّنب المغفور

أمَّا يا صاحبي أرْمَل الكرامة الذي كان يجرّ الطّنابر  نيابة عن الحمير و ينوح على الطّنبور

صار سفير الدَّراويش، يعقد شال ضاربات الودع، و يخيّم في ظلّ كل ذي ضمير مقبور

يلطم، و يندب حتى يسترقّ مَن في القبور

أمس سهواً حفّ شاربي شرفه بدلاً من أنْ   يحفُّ شاربيه خشية أنْ يعْلق بهما ماء حياء مبرور

أما بطَّة جارتك بياعة الزَّبيب   فبعد أنْ غاضت السّواقي،   وانقطع المطر فُتح عليها

وبكرامات جَدَّتها القُرقَةُ  السَّوداء   تحوّل سلسبيلاً كلَّ مجرور

تسبَح فيه على حلِّ منقارها و تكاكي   سأطير إلى عين حظي المنقور

كمل النّقل بالزّعرور يا صاحبي    كمل النقل بالزعرور

حرامي القبور

  بعدك منحه مختار حارة البقِّ الأميري   وثيقة حسن سلوك طولها متران

 جعلها عرزالاً و هو فيها لعيون المحسن ناطور

كلّنا سار ومسرور

عُدْ يا صاحبي  الغريب مهما تأدَّب في الغربة

الأدب قصر مهجور

بعدك صار مثل الفريز    بالعيون الفارغات العجَّور

وصرنا لرواد ناسا نتبِّل بالملح التّمور

لن نرخص لك لو سافرتَ إلى الواقواق     في رمضان الفطور

عُدْ كمل النّقل بالزعرور

لا تصدّقْ يا صاحبي     لم يعدْ يستطيع العيش بيننا غير الدّبور

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن د. خالد زغريت

د. خالد زغريت
كاتب وأكاديمي سوري، إجازة في اللغة العربية، دبلوم دراسات عليا شعبة الأدبيات، دبلوم تأهيل تربوي، ماجستير في الأدب القديم وعلم الجمال، دكتوراه في الأدب القديم وعلم الجمال. يعمل مدرساً في كلية الآداب. ينشر في الصحف والمجلات والدوريات. له عشرون بحثاً علمياً محكماً في الدوريات العربية والدولية وعدة كتب منشورة منها: قامة النار وخريف السيدة الأولى، أهرامات السراب، الصفير في وادي الشياطين.

شاهد أيضاً

سرابٌ بطعم الوطن

دَعُوهَا ليّسَ لَهَا مُسْتَقَرٌّ في ظلال ِ الياسيمن سرابُهُم في كفِّه وطنٌ التيه: هل من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *