في ديوانه الجديد ( الطريق يعود إلى الخلف) الصادر عن دار الأدهم، يبدأ أسامة الحداد بسؤال:
لماذا لم أكنْ معهم؟
أقف في صفوف المتقدمين إلى معهدٍ للرقص،
وأمتلك يدين صالحتين للتصفيق،
وقدمين تعرفان كيفية الوقوف
لتحية المواكب الرسمية؟.
وفي( نهاية) النص الأخير في المجموعة يقول:
علينا أن ننتهز الفرصة لقبلةٍ أخيرةٍ
تقطع مشهدًا على الجانب الآخرمن الطريق.
وبين سؤال البداية، واحتفاء النهاية، ثلاثون نصاً، ثلاثون رحلة، وثلاثون خطوة إلى الخلف، حنين تنوعت تفاصيلها بين:
الغناء على الحافة، حيث الهامش، هامش الحياة بعيداً عن المركز: مركز الفن ومركز العاطفة. والوسادة التي لم تعد خالية، المحشوة بالكوابيس وهو تنويع آخرعلى الأغنية. وعن الحياة باعتبارها حادثا مؤسفا، حيث يظهر المعنى اشارة للألم. وعن الحريق الذي يبدو من بعيد كأنه الضوء، هكذا يتخيل اليائس، وعن الطريق الطويل الذي يركل المشاة فيصبحون منفيين فيما بعد، يهربون بخطوات ثقيلة الى الوراء، وعن أغنيةٌ راقصةٌ فوق أجسادٍ تقترب من الموت، وعن الذين يجوبون المدينة بلافائدة حيث لايظهر سوى الخواء.
وعن الفراغ، الفراغ الذي لايحتمل، عن المدينة التي لاعلاقة لها بالايدلوجيا، وهي حلم آخر للشاعر، المدينة التي لم تعد بمقاسات الحلم، حيث تختلط المفاهيم وتغمر سماواتها الغيوم. نصوص عن الشاعر نفسه وهو يعود إلى الخلف اضطرارا بعد الفشل في الحصول على ايّ شيء في الطرق التي تتقدم، الطرق التي هي ضد كل الرغبات، فكل شيء غير مسموح به، وأن أغنية السكان نفسها ينقصها الكثير لكي تصبح أغنية حقا، تعبر عن عواطف الناس وأحلامهم. وأيضاً هناك نصوص عن العزف المنفرد، العزلة والنهايات القاتمة، حيث يتكاثر السحرة، ويستخدم الجميع الهواء بشكل خاطئ، فتظهر الصورة في النهاية وقد سقطت عنها الالوان والتفاصيل، وكل مايظهر فيها غير متوقع، بينما الشاعر، كاتب هذه النصوص، يبحث عن مغامرة عكس الاتجاه، وبذلك يعلن عن انفصاله، ربما انفصاله الشعري أيضاً، حيث قدم لنا أسامة الحداد نصوصاً في هذا الديوان، لها ملامح تحاول التعبير عن نفسها بعيداً عن الآخرين.
مجلة قلم رصاص الثقافية