الرئيسية » مبراة » فشل تثقيف الطفل !

فشل تثقيف الطفل !

«ثقافة الطفل» عنوان متداول في سورية على الصعيد الرسمي، إلا أنه ورغم كل الأنشطة التي تُقيمها والأموال التي تصرفها المؤسسات الرسمية على هذا العنوان، ظلَّ كبقية العناوين التي تُطلقها المؤسسات الرسمية وغير الرسمية بلا أي مضمون حقيقي، ولا نبالغ بوصف هذا المضمون بغير الحقيقي، لأن أي نشاط أو إجراء يُقاس بنتائجه الحقيقية على الأرض، وما عانته سورية خلال السنوات الأخيرة أثبت بالبرهان والدليل أن التجارب الماضية لم تكن ذات جدوى حقيقية، وأنها مجرد عناوين بمضامين خاوية. 

رغم كل محاولاتها وبرامجها التي تُعلن عنها وتُقيهما فشلت المؤسسات والهيئات الرسمية المعنية بثقافة الطفل في سورية بتطوير اهتمامات جيل الأطفال، وأعداد الأطفال التي استفادت من هذه البرامج لا تُشكل شيئاً من المجموع الكلي للأطفال، ولم تنجح مديريات ثقافة الطفل الرسمية في خلق جو ثقافي يربي أجيالاً من المثقفين القادرين على البناء مستقبلاً، وما جرى لاحقاً من تجنيد للأطفال والتأثير عليهم حتى وصل الأمر إلى تجنيدهم ودفعهم نحو حمل السلاح عبر غسل أدمغتهم وتحريضهم على القتل، كان مثالاً صريحاً على فشل الأساليب المعتمدة في السياسيات الرسمية لاستقطاب الأطفال، وملء أوقات فراغهم عبر أنشطة مُفيدة تساهم في كشف مواهبهم، وتصقل شخصياتهم.

لا يوجد اهتمام حقيقي بتنمية مواهب الأطفال، ولا تتماشى الوسائل المُتبعة في المراكز المُعتمدة لهذه الغاية مع التطورات الحاصلة في العالم في هذا المجال، ولم تستطع مواكبة التطورات الحاصلة في محيطها، فما كان يُقنع أطفال الماضي قبل عقدين لم تعد له أية جدوى اليوم، لأن المُتاح لهم في محيطهم مكنهم من رؤية أشياء كثيرة خاصة بعد التطور التكنولوجي وانتشار الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب والألعاب الإلكترونية، وهذا ما يُصعّب مهمة تلك المراكز، فأطفال اليوم أكبر من عمرهم الزمني، وبعضهم يتفوقون على الكبار في كثير من الأمور، وهذا يتطلب بالدرجة الأولى تطوير الأدوات وتحديث الخطط من خلال المناهج المُعتمدة والتي تستهدف الطفل بالدرجة الأولى. 

إن غياب الاستراتيجيات الحقيقية وأدواتها التنفيذية يُصعب هذه المهمة، ويجعل الأطفال عُرضة للاستغلال، فقبل اندلاع الحرب السورية كانوا يُستغلون بالعمل، ويُزوجون مُبكراً، فيصيرون آباءً وهم ما زالوا في طور النمو، ويُنجبون أطفالاً وهم ما زالوا أطفالاً، وهذا ما يُعقد المسألة، وبعد اندلاع الحرب اُستخدم الأطفال على مختلف الصعد العسكرية والسياسية، ومرد ذلك بالدرجة الأولى غياب الوعي، وانعدام الثقافة التي أخذتها الحكومة السورية على عاتقها، لكنها فشلت في حماية الأطفال وتحييدهم عن صراع الإيديولوجيات لنجدهم قد صاروا جزءاً منها رغماً عنهم أحياناً، وبإرادتهم في كثير من الأحايين. 

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن فراس م حسن

فراس م حسن
قـارئ، مستمع، مشاهد، وكـاتب في أوقـات الفراغ.

شاهد أيضاً

لا أريد أن أكون وقحاً !

كان أحد الأصدقاء يقول لي كلما التقينا وتحدثنا في الشأن العام قبل وبعد أن صار …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *