الرئيسية » رصاص خشن »  شجون الحديث في شؤون عربية

 شجون الحديث في شؤون عربية

هل هناك أفظع من الموت؟ نعم، الخوف الذي يجبرك على الصمت.

 *** 

في دولة الاستبداد تنهار الطبقة الوسطى، وينقسم المجتمع إلى فئتين الأغنياء والفقراء، وتغدو الوظيفة  نوعاً من أنواع البغاء، فكما أن البغي تبيع جسدها لقاء الخبز يبيع الموظف حريته وكرامته ويسكت عن الحق وسط رؤيته للفساد حفظا لقوته، أي يعطي  من قدسية روحه لحساب طينية جسده، فما الفرق بين الفعلين؟ بل الأول أرحم فدعارة الروح أفظع من دعارة الجسد.

***  

المسئول في نظام مغلق غير شفاف وقائم على عدم الكفاءة والتزوير والوصولية لقاء خدمات مشبوهة يرى نفسه إلهاً يفعل ما يشاء ولسان حاله ومقاله يقولان: “لا أسأل عما أفعل وأنتم تسألون”، وتزيد التدابير التعسفية من لدن المستبد الأكبر في تدعيم فساد هذا المسئول وتحميه إنه على حق دائماً، ومن هم تحت وصايته على باطل دائماً.

***

“جوع كلبك يتبعك” يمكن أن أشرحها بهذه الطرفة فالأجرة الشهرية تشبه العادة الشهرية إنها لا تبقى أكثر من خمسة أيام وبعد زمن تحال المرأة على سن اليأس والموظف على سن التقاعد.

*** 

“اقتل الكلب ولا تقتل سيده” هذا المثل الشعبي يفسر لم يعيش الفاسد أو المستبد؟ إنه يستند إلى منظومة كاملة تحته يستند عليها لذا اللوم عليها لا عليه.

 ***    

كان المفكر الكبير علي عزت بيقوفيتش يقول: “نحن من نصنع طغاتنا بأيدينا”، ويمكن أن نفسر ذلك بالاستناد إلى جيولوجيا الاستبداد إنها مثل الجبل  الدفع من القاع هو الذي يشكل القمم.

***

هناك من يدعو إلى العلمانية وفق الطرح التالي: فصل الدين عن الدولة، ولكنني أرى أن العلمانية الأولى هي فصل المدني عن العسكري.

***  

 فريضة الجمعة شكل من أشكال الديمقراطية الإسلامية إنها برلمان شعبي ذو مصداقية وشفاف يعالج مشاكل الحي أو المدينة ،التعليم، الصحة ،الخدمة العمومية ،الخدمة الإنسانية ،العدالة الاجتماعية ،فضح الغش ، التطور الحضاري، التنمية، رفع نسبة النمو، شبكة العلاقات الاجتماعية ، الكفاءة، النزاهة… كل من يحضر الجمعة هو ممثل شرعي للحي لكنها في ظل أنظمة استبدادية تحولت إلى غطاء شرعي لهذه الأنظمة مادامت خاتمتها هكذا: “اللهم أصلح ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين وارزقهم البطانة الصالحة، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأخذل الشرك والمشركين”، ولا شيء تحقق من هذه الدعوات هذا برهان على انحراف فريضة الجمعة عن معناها الحقيقي.

***

لا وجود لرجال دين في الإسلام فكل مواطن هو رجل دين فالدين ثقافة ذاتية مثله مثل العقل والضمير ،إن الأنظمة الدغمائية غير الشفافة هي التي خلقت هذا الإكليروس لتزكية شرعية وجودها، وسحبت الدين من عقل وضمير كل مواطن  لذا يسأل المواطن المفرغ من دينه عن حكم الدين في كذا عند رجال دين أنتجتهم الأنظمة. وماذا يجد عندهم غير خطاب السلطة؟ من رفض هذا الطرح من علماء الإسلام كفروه واتهموه بالزندقة والانحراف.

***

حين تفقد أمة نماذجها الحضارية الآنية ومنهجها العصري في إدارة الدولة، وتدبير شؤون الحياة المختلفة وتكاد تيأس من  المستقبل تلتفت إلى الماضي  ويصبح نموذج كلامها “كان عمر”، وووو وهذا هو سبب انتشار المسلسلات التاريخية خاصة في رمضان  بينما الأمة المتحضرة تصنع عمرها في كل آن.

 ***

“من لا معاش له لا معاد له” يمكن أن  أشرحها هكذا تحاسب أمة ما على ميراثها العلمي والحضاري والأخلاقي.

 

مجلة قلم رصاص الثقافية

عن إبراهيم مشارة

إبراهيم مشارة
إبراهيم مشارة، كاتب وناقد جزائري مواليد 1967، خريج كلية الآداب بجامعة قسنطينة، نال جائزة القصة القصيرة عن اتحاد أدباء العراق عام 2007 بقصة "العربي ولد صالحة"، وجائزة النقد من مؤسسة ناجي نعمان بيروت 2008، وجائزة الاستحقاق في القصة من مؤسسة نجلاء محرم بالقاهرة عام 2010. يكتب في عدد من الصحف العربية والمهجرية والمجلات المحكمة والأدبية في معظم ربوع الوطن العربي. صدر له كتاب "وهج الأربعين" من إصدار وزارة الثقافة في إطار احتفالية الجزائر عاصمة الثقافة العربية، وهو كتاب نقدي ضم مقالاته النقدية في المجلات العربية الأدبية. وكتاب "ديوان الحكايا" عن دار إيزيس للنشر القاهرة 2011، وكتاب "أوراق أدبية" عن مؤسسة نون للنشر ألمانيا 2016.

شاهد أيضاً

وحشية

١ ثمة ملاك، أو هذا ما نظنه لأنه يرتدي لباساً أبيض، ينشر حوله هالة نورانية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *