“أقرب من البعيد بقليل” كتاب للفلسطيني المعتصم خلف، بعنوان خفيف وغامض، يحمل القليل من التناقض والكثير من الوضوح.
يحمل الكتاب عنوان النص الثالث عشر، حيث يحكي عن جدة على شاكلة فلسطين، ويختم بعبارة “من أنا لأصحّح لجدتي ما تقول؟!” التي تختصر عمق النص وجماله.
تفنّن المعتصم في استعمال المجاز، واستطاع أن يرسم بدقّة متناهية أحاسيسا ليجعلها في متناول ملمس الخيال. له قدرة عجيبة على وصف الروائح والموت والفقد والحب بكلّ سريالية وواقعية معاً. خطر على بالي وأنا أقرؤه محمود درويش، ووقع كلماته في النفس، حيث يتقارب الأسلوبان بعض الشيء.
ستة وثلاثون نصاً أدبياً نثرياً سُردت بأسلوب فلسفي أشبه بالشعر (لما يحويه من لحن)، انتظار أمّ وحبيبة وألف شهيد. ينقسم الكتاب إلى شطرين: الأول تحت عنوان “تراتيل وجودية” والثاني “بكائية الغد العائد”. ويتفاوت حجم النصوص، لكن معظمها لا يتجاوز الثلاث صفحات. نصوص قصيرة لكنّها قويّة.
أخذني المعتصم خلف في جولة داخل عطر الياسمين، بين حجارة دمشق وسماء فلسطين. “أقرب من البعيد بقليل” نصوص كُتبت بحنين المهجر وحزن رجل لم يكبر قلبه بعد. لا تخلو النصوص من الجمال المعجون بماء الحزن والحنين، كرائحة خبز ساخن أعدّته أمّ تنتظر ابنها وهي تعلم أنه استشهد وأن الحرب لم تنته من أبنائها الباقيين بعد.
المعتصم خلف، كاتب فلسطيني شاب من مواليد 1993، وُلد ونشأ في دمشق، والتحق بكلية الحقوق في بيروت. كانت بداياته في الكتابة مع جريدة الرأي اليوم، سنة 2013. وها هو الآن يضع بين يديّ قرائه كتابه الأول. الذي صدر في شباط من عام 2019، عن دار فضاءات للنشر والتوزيع الأردنية وعدد صفحاته 171.