باق من الزمن ..ثلاث دقائق، في كل كلمة من هذه الجملة عالم كامل… يا لروعة اللغة!
باق.. نبدأ الجملة بتنبيه، ربما لفت للانتباه، لكنه يحمل معه موسيقاه.. نوع من التسارع الإيقاعي، يتجاوز أحياناً ضربات القلب، أو يماشيها، نوع من التصاعد الحسي تشترك فيه حواسنا جميعها.. من نظر، من سمع، بل ومن لهاث. تتسارع ضربات الأقدام على الرصيف، يمتص صوتها تلك الطبقة الحلوة من الثلج الذي استكان بخفة طوال اليوم على أرصفة المحطة ومقاعدها.
باق من الزمن… كما للترقب… كما للانتظار.
ثمة قفاز غاف هناك، غافله صاحبه ليلحق بقطاره….وتبقى الأشياء لتنتظر.
أنتقل إلى حرف الجر (من)، يجرنا معه بعيداً عن التجريد الجامد إلى صورة مفهوم الكمية المجازي هنا ربما مجرد حرفين (من)، لكن فيهما التصور الكامل لمفهوم الجزء والكل، ربما لقلة عدد الأحرف نفهم ما تعنيه الجزئية فيها.
الزمن! كلمة مسبوقة بأل التعريف، ربما ما زال الإنسان عاجزاً عن فهمها بشكلها كعالم كامل، لما يستطيع الإحاطة به بعد إذ يتوه في جزئياته، ما بين ماض وحاضر.
يستوقفه التعجب حيناً والاستغراب أحياناً، ويتسمر أمام أبواب الغموض في المستقبل.
الحيرة… دائماً الحيرة، إن لم تتغلغل بأفكارنا لما سعينا إلى محاولة الفهم والإدراك.
الحيرة… مسبب لفعل تحريضي يستفز منا البحث. هذا إن رفضنا التسليم.
ثلاثة! كم من ثلاث في حيواتنا…. امتداد زمني.
مابين الماضي والحاضر والمستقبل تتراقص نقاط لكل منها عبر امتدادات خطوط بيانية ممثلة لحالاتنا الإنسانية ثلاثة! الثالوث المقدس، الثالوث الأبدي، مسرحيات من ثلاثة فصول، ثلاثية الوجود …روح ..جسد …فكر.
الكثير والكثير … والأكثر.
دقائق… اختير لهذه الكلمة هذا المعنى، أن تكون دقائق متناهية الصغر… وبالتالي، دقائق الأمور .
انتباه… تيقظ …. علي أن أغادر… وصل القطار .
مجلة قلم رصاص الثقافية