“رقصة السلو” رواية جديدة للكاتب الجزائري عبد الباقي قربوعه، صدرت عن دار الماهر بالجزائر. رواية تتعدّد إلى ثلاثة أصوات، تحكي قصة أجيال متصارعة في فترة ممتدة بين 1962م إلى غاية 2020م، جيل منحدر من عملاء فرنسيين وموظفين قدامى في إدارتها، ولا يزالون إلى الآن يتقاضون رواتب ومنح، فهو جيل يمجد فرنسا كما سمعوا على ألسنة آبائهم، وجيل آخر من أحفاد الأسرة الثورية يتقاضى آباؤهم أيضا رواتب ومنح من الدولة الجزائرية، فهم يكرهون فرنسا لما ألحقته من أذى بآبائهم المجاهدين والشهداء، وجيل آخر من مواطنين عاديين يشتكون من اتساع رقعة الفقر بينهم وعدم توفّر الوظيفة، أكثرهم التحقوا بجماعات مسلحة حتى يتداركوا ما لم يسارع إليه آباؤهم أيام الثورة حتى يقتنصوا رواتب من هذا أو ذاك، الحرب الداخلية التي أفرزت بدورها ثلاثة أجيال جيل التحق بالمسلحين لينهب ثم يتقاضى تعويضا جراء ما سببته له المأساة الوطنية، وجيل التحق بالنظام تصدّيا للمسلحين، فهم الآن يتقاضون بدورهم رواتب وتعويضات مقابل انخراطهم ضمن قوات الأمن المختلفة، وجيل ثالث يمثل الفئة الخائفة التي تنبذ العنف من الطرفين، وهي الآن تضم شرائح واسعة من فقراء بدون وظائف..
“رقصة السلو” تطرح مشاهد الحبكة في شكل تكرار لمواقف تاريخية، وتدوير لأبطال يتذرعون بحماية الوطن والدفاع عن الدين، للوصول إلى دخل مادي يضمن مستقبلهم ومستقبل أولادهم.. كما أملت عليهم التجربة الأولى خلال المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، الذي حدّد ثلاث طبقات من المجتمع، طبقة تعيش بفضل عائدات تعاونهم مع المحتل، وطبقة تعيش بفضل عائدات نضالها ضده، وطبقة حيادية لأسباب مختلفة منها الخوف والعجز، وأحيانا عدم وجود وعي يمكنهم من تحديد موقف معيّن، لكن الرواية في مضمونها الرسالي تستنهض وعيا مختلفا غير تلك الزاوية النفعية محطة الذهنية الاستهلاكية، البعيدة عن روح النضال الذي يبحث عن التحرر من جميع أشكال العبودية، ليخلو لهم وجه الوطن في علاقة روحية بعيدة عن المادة..